وروي عن ابن عبّاس وعلي ـ رضي الله عنهما ـ لأنهما كالطريقين لحياة الولد ، ورزقه (١).
فقوله : «النجدين» إما ظرف ، وإما على حذف الجار إن أريد بهما الثديان.
والنّجد في الأصل : العنق ، لارتفاعه.
وقيل : الطريق العالي.
قال امرؤ القيس : [الطويل]
٥٢١٣ ـ فريقان : منهم جازع بطن نخلة |
|
وآخر منهم قاطع نجد كبكب (٢) |
ومنه سميت نجد ، لعلوها عن انخفاض تهامة.
قوله تعالى : (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ)(٢٠)
قوله : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ).
قال الفراء والزجاج : ذكر «لا» مرة واحدة ، والعرب لا تكاد تفرد : «لا» مع الفعل الماضي ، حتى تعيد «لا» ، كقوله تعالى : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) [القيامة : ٣١] وإنّما أفردها لدلالة آخر الكلام على معناه ، فيجوز أن يكون قوله تعالى : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا): قائما مقام التكرير ، فكأنه قال : فلا اقتحم العقبة ولا آمن.
وقال الزمخشريّ (٣) : هي متكررة في المعنى ؛ لأن معنى : «فلا اقتحم العقبة : فلا فكّ رقبة ، ولا أطعم مسكينا». ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك؟.
قال أبو حيّان (٤) : ولا يتم له هذا إلا على قراءة : «فكّ» فعلا ماضيا.
وقال الزجاج والمبرد وأبو عليّ ، وذكره البخاري عن مجاهد : أن قوله تعالى : (ثُمَ
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٩٢) عن ابن عباس والضحاك وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٩٥) عن ابن عباس وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس وينظر تفسير الماوردي (٦ / ٢٧٧) والقرطبي (٢٠ / ٤٤).
(٢) يروى الشطر الأول :
غداة غدوا فسالك بطن نخلة
ينظر الديوان ص ٤٣ ، وإصلاح المنطق ص ٥٦ ، ومجمع البيان ١ / ٧٤٦ واللسان (نجد) ، والقرطبي ٢٠ / ٤٤ ، والبحر ٨ / ٤٦٨ ، والدر المصون ٦ / ٥٢٥.
(٣) الكشاف ٤ / ٧٥٦.
(٤) البحر المحيط ٨ / ٤٧١.