تقديره : هلّا اقتحم العقبة ، تقول : هلا أنفق ماله في فك الرقاب ، وإطعام السغبان ، فيكون خيرا له من إنفاقه في عداوة محمد عليه الصلاة والسلام (١).
فصل في الفرق بين الفك والرق
الفكّ : التفريق ، ومنه فكّ القيد ، وفكّ الرقبة ، فرق بينها وبين صفة الرق بإيجاد الحرفة ، وإبطال العبودية ، ومنه فكّ الرهن ، وهو إزالته عن المرتهن ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيّما امرىء مسلم أعتق امرءا مسلما كان فكاكه من النّار يجري على كلّ عضو منه عضوا منه» الحديث (٢).
وسمي المرقوق رقبة ؛ لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته ، وسمي عتقها فكّا كفك الأسير من الأسر ؛ قال : [البسيط]
٥٢١٤ ـ كم من أسير فككناه بلا ثمن |
|
وجرّ ناصية كنّا مواليها (٣) |
قال الماورديّ : ويحتمل ثانيا : أنه أراد فك رقبته ، وخلاص نفسه ، باجتناب المعاصي ، وفعل الطاعات ، ولا يمتنع الخبر من هذا التأويل ، وهو أشبه بالصواب.
فصل في أن العتق أفضل من الصدقة
قال أبو حنيفة ـ رضي الله عنه ـ : العتق أفضل من الصدقة ، وعند صاحبيه الصدقة أفضل ، والآية أدلّ على قول أبي حنيفة ، لتقديم العتق على الصدقة.
قوله : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) ، أي : مجاعة ، والسّغب : الجوع ، والسّاغب: الجائع.
قال شهاب الدّين (٤) : والمسغبة : الجوع مع التعب ، وربما قيل في العطش مع التعب.
قال الراغب : يقال سغب الرجل يسغب سغبا وسغوبا فهو ساغب ، وسغبان ، والمسغبة : مفعل منه.
وأنشد أبو عبيدة : [الطويل]
٥٢١٥ ـ فلو كنت جارا يا بن قيس بن عاصم |
|
لما بتّ شبعانا وجارك ساغبا (٥) |
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ٤٤) عن ابن زيد.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ينظر شرح ديوان حسان بن ثابت ٤٨٥ ، والقرطبي ٢٠ / ٤٦.
(٤) ينظر الدر المصون ٦ / ٥٢٦.
(٥) ينظر القرطبي ٢٠ / ٤٦.