فصل
إطعام الطعام فضيلة ، وهو مع السغب الذي هو الجوع أفضل.
وقال النخعي في قوله تعالى : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) ، قال : في يوم عزيز فيه الطّعام.
قوله : (يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ) ، أي : قرابة.
قال الزمخشريّ (١) : «والمسغبة ، والمقربة ، والمتربة : مفعلات ، من سغب إذا جاع ، وقرب في النسب ، يقال : فلان ذو قرابتي وذو مقربتي ، وترب إذا افتقر».
وهذه الآية تدل على أن الصدقة على الأقارب ، أفضل منها على الأجانب.
واليتيم : قال بعض العلماء : اليتيم في الناس من قبل الأب ، وفي البهائم من قبل الأمّهات.
وقال بعضهم : اليتيم : «الذي يموت أبواه».
قال قيس بن الملوح : [الطويل]
٥٢١٦ ـ إلى الله أشكو فقد ليلى كما شكا |
|
إلى الله فقد الوالدين يتيم (٢) |
ويقال : يتم الرجل يتما : إذا ضعف.
قوله : (أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) ، أي : لا شيء له ، حتى كأنه قد لصق بالتراب من الفقر يقال : ترب أي افتقر حتى لصق جلده بالتراب ، فأما أترب بالألف فمعناه استغنى نحو : أثرى أي صار ماله كالتراب وكالثرى.
قال المفسرون : هو الذي ليس له مأوى إلا التراب.
وقال ابن عباس : هو المطروح على الطريق الذي لا بيت له.
وقال مجاهد : الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره.
وقال قتادة : إنه ذو العيال.
وقال عكرمة عن ابن عباس : ذو المتربة هو البعيد عن وطنه ، ليس له مأوى إلّا التراب.
فصل في أن المسكين قد يملك شيئا
احتجوا بهذه الآية على أن المسكين قد يملك شيئا ؛ لأنه لو كان المسكين هو الذي لا يملك شيئا ـ ألبتة ـ لكان تقييده بقوله : «ذا متربة» تكرير.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٥٦.
(٢) ينظر ديوان مجنون ليلى ص ٢٤٤ ، والقرطبي ٢٠ / ٤٦.