وقال ابن عباس : خابت نفس أضلها الله وأغواها.
وقيل : أفلح من زكى نفسه بطاعة الله ، «وخاب» خسر من دس نفسه في المعاصي.
قاله قتادة.
وأصل الزكاة : النمو والزيادة ، ومنه تزكى الزّرع إذا كثر معه ، ومنه تزكية القاضي الشاهد ، لأنه يرفعه بالتعديل.
وقيل : دساها : أغواها ، قال : [الطويل]
٥٢٢٢ ـ وأنت الّذي دسّيت عمرا فأصبحت |
|
حلائله منه أرامل ضيّعا (١) |
قال أهل اللغة : والأصل ، دسها ، من التدسيس [فكثرت الأمثال فأبدل من ثالثها حرف علة كما قالوا : قصيت أظفاري وأصله قصصت ، وتقضي البازي ، والتدسية : الإخفاء يعني أخفاه بالفجور ، وقد نطق بالأصل الشاعر المتقدم. وقال آخر : [الكامل]
٥٢٢٣ ـ ودسست عمرا في التّراب فأصبحت |
|
...........(٢)](٣) |
[وهو إخفاء الشيء في الشيء ، فأبدلت سينه ياء. وقال ابن الأعرابي : (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) أي : دس نفسه في جملة الصالحين وليس منهم](٤).
قال الواحدي : فكأنه ـ تعالى ـ أقسم على فلاح من طهره وخسارة من خذله لئلا يظن أن المراد بتولي ذلك من غير قضاء سابق ، فقوله : «قد أفلح» : هو جواب القسم.
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها)(١٥)
قوله : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها). في هذه الباء ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها للاستعانة مجازا ، كقولك : «كتبت بالقلم» ، وبه بدأ الزمخشري (٥) ، يعني فعلت التكذيب بطغيانها ، كقولك : ظلمني بجرأته على الله تعالى.
والثاني : أنها للتعدية ، أي كذبت بما أوعدت به من عذابها ذي الطغيان ، كقوله تعالى : (فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) [الحاقة : ٥] قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : وكان اسم
__________________
(١) ويروى الشطر الثاني :
نساؤهم منهم أرامل ضيّع
ينظر القرطبي ٢٠ / ٥٢ ، والبحر ٨ / ٤٧٢ ، والدر المصون ٦ / ٥٣١.
(٢) تقدم.
(٣) سقط من ب.
(٤) سقط من أ.
(٥) الكشاف ٤ / ٧٦٠.