والثاني : أن يراد به جماعة قال الزمخشري (١) : ويجوز أن يكونوا جماعة للتسوية في «أفعل» التفضيل ، إذا أضيف بين الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، وكان يجوز أن يقول : «أشقوها». وكان ينبغي أن يقيد ، فيقول : إذا أضيف إلى معرفة ، لأن المضاف إلى النكرة حكمه الإفراد والتذكير مطلقا كالمقترن ب «من».
فصل
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذ انبعث أشقاها : انبعث لها رجل عزيز عارم ، منيع في أهله ، مثل أبي زمعة» الحديث (٢).
وروي عن علي ـ رضي الله عنه ـ : أن النبي صلىاللهعليهوسلم : قال له : «أتدري من أشقى الأوّلين»؟ قلت : الله ورسوله أعلم. قال عليه الصلاة والسلام : «عاقر النّاقة» ، ثم قال : «أتدري من أشقى الآخرين»؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : «قاتلك» (٣).
قوله : (فَقالَ لَهُمْ). إن كان المراد ب «أشقاها» جماعة ، فعود الضمير من «لهم» عليهم واضح وإن كان المراد به علما بعينه ، فالضمير من «لهم» يعود على «ثمود» ، والمراد برسول الله يعني : صالحا.
وقوله تعالى : (ناقَةَ اللهِ) منصوب على التحذير ، أي احذروا ناقة الله فلا تقربوها ، وإضمار الناصب هنا واجب لمكان العطف ، فإن إضمار الناصب يجب في ثلاثة مواضع :
أحدها : أن يكون المحذر نفس «إياك» وبابه.
الثاني : أنه يجب فيه عطف.
الثالث : أنه يوجد فيه تكرار ، نحو «الأسد الأسد والصبيّ الصبيّ ، والحذر الحذر».
وقيل : ذروا ناقة الله ، كقوله تعالى : (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) [هود : ٦٤].
وقرأ زيد بن علي : «ناقة الله» رفعا ، على إضمار مبتدأ مضمر ، أي : هذه ناقة الله فلا تتعرضوا لها.
__________________
(١) الكشاف ٤ / ٧٦٠.
(٢) أخرجه البخاري (٨ / ٥٧٥) كتاب التفسير : باب سورة والشمس رقم (٤٩٤٢) ومسلم (٤ / ٢١٩١) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها : باب النار يدخلها الجبارون حديث (٤٩ / ٢٨٥٥) وأحمد (٤ / ١٧) والترمذي (٥ / ٤١٠) رقم (٣٣٤٣) والنسائي في «الكبرى» (٦ / ٥١٥) والطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٠٥) من حديث عبد الله بن زمعة وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٧٠٢) وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.
(٣) له شاهد من حديث عمار بن ياسر ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٢) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه والبغوي وأبي نعيم في «الدلائل».