سورة الليل
مكيّة ، وقيل : مدنيّة ، وهي إحدى وعشرون آية ، وإحدى وسبعون كلمة ، وثلاثمائة وعشرة أحرف.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (٤)
قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى). أي : يغطي ، ولم يذكر مفعولا ، للعلم به.
وقيل : يغشى النهار.
وقيل : الأرض.
قال قتادة : أول ما خلق الله تعالى النور والظلمة ثم ميز بينهما ، فجعل الظلمة ليلا أسود مظلما ، والنور نهارا والنهار مضيئا مبصرا (١).
قال ابن الخطيب (٢) : أقسم بالليل الذي يأوي فيه كل حيوان إلى مأواه وتسكن الخلق عن الاضطراب ، ويجيئهم النوم الذي جعله الله تعالى راحة لأبدانهم وغذاء لأرواحهم ثم أقسم تعالى بالنهار إذا تجلى ، لأن النهار إذا كشف بضوئه ما كان في الدنيا من الظلمة ، جاء الوقت الذي يتحرك فيه الناس لمعاشهم والطير والهوام من مكانها ، فلو كان الدهر كله ليلا لتعذر المعاش ، ولو كان كله نهارا لبطلت الراحة ، لكن المصلحة في تعاقبهما ، كما قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) [الفرقان : ٦٢] ، وقال تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) [إبراهيم : ٣٣] ، فقوله (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) أي : انكشف وظهر وبان بضوئه عن ظلمة الليل. وقرأ العامة : «تجلّي» فعلا ماضيا ، وفاعله ضمير عائد على النهار.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٠٩) عن قتادة.
(٢) الفخر الرازي ٣١ / ١٧٩.