وقيل : كل ذكر وأنثى من الآدميين فقط لاختصاصهم بولاية الله تعالى وطاعته.
فصل في معنى الآية
وقوله : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى). هذا جواب القسم ، والمعنى : إن أعمالكم لتختلف ، [ويجوز أن يكون محذوفا كما قيل في نظائره المتقدمة ، وشتى واحده شتيت مثل مريض ومرضى ، وإنما قيل للمختلف : شتّى ؛ لتباعد ما بين بعضه وبعضه ، أي إن أعمالكم المتباعدة بعضه عن بعض لشتى ، لأن بعضه ضلالة وبعضه هدى أي : فمنكم مؤمن ، وبر ، وكافر ، وفاجر ، ومطيع ، وعاص.
وقيل : لشتّى أي : لمختلف الجزاء فمنكم مثاب بالجنة ومعاقب بالنار وقيل لمختلف الأخلاق ، فمنكم راحم وقاسي وحليم وطائش وجواد وبخيل](١).
قال المفسرون : نزلت هذه الآية في أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وأبي سفيان.
قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى)(١١)
قوله : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى). قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ يعني أبا بكر (٢) ، وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى) أي : بذل واتقى محارم الله التي نهي عنها (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) أي : بالخلف من الله تعالى على عطائه (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى).
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من يوم غربت شمسه إلا بعث بجنبتها ملكان يناديان يسمعهما خلق الله كلّهم إلّا الثّقلين : اللهمّ أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا» (٣).
وأنزل الله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ...) الآيات.
فصل
حذف مفعول «أعطى» ومفعول «اتقى» ، ومفعول «صدّق» المجرور ب «على» ، لأن الغرض ذكر هذه الأحداث دون متعلقاتها ، وكذلك متعلقات البخل والاستغناء ، وقوله تعالى : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) إما من باب المقابلة لقوله (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) وإما نيسره: بمعنى نهيئه ، والتهيئة تكون في العسر واليسر.
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٥) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن عساكر عن ابن مسعود.
(٣) أخرجه البخاري (٣ / ٣٠٤) كتاب الزكاة ، باب : قوله تعالى فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى رقم (١٤٤٢) ومسلم (٢ / ٧٠٠) كتاب الزكاة ، باب : في المنفق والممسك حديث (٥٧ / ١٠١٠) من حديث أبي هريرة.