فصل في المراد بالإعطاء
قال المفسرون : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى) المعسرين.
وقال قتادة : أعطى حق الله الواجب (١).
وقال الحسن : أعطى الصدق من قلبه وصدق بالحسنى ، أي بلا إله إلا الله ، وهو قول ابن عباس والضحاك والسلمي رضي الله عنهم (٢).
وقال مجاهد : بالجنة ؛ لقوله تعالى (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ)(٣) [يونس : ٢٦].
وقال زيد بن أسلم : في الصلاة والزكاة والصوم (٤).
وقوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) أي نرشده لأسباب الخير والصلاح حتى يسهل عليه فعلها.
وقال زيد بن أسلم : لليسرى ؛ للجنة.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من نفس منفوسة إلّا كتب الله ـ تعالى ـ مدخلها» فقال القوم : يا رسول الله ، أفلا نتّكل على كتابنا؟ فقال ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ : «بل اعملوا فكلّ ميسّر ، فمن كان من أهل السّعادة فإنّه ميسّر لعمل أهل السّعادة ، ومن كان من أهل الشّقاوة فإنّه ميسّر لعمل أهل الشّقاوة» ثمّ قرأ : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى)(٥).
قوله : (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى). أي : ضنّ بما عنده فلم يبذل خيرا ، وروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) ، قال : سوف أحول بينه وبين الإيمان بالله وبرسوله.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال نزلت في أمية بن خلف. وعن ابن عباس : (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى) ، أي : بخل بماله واستغنى عن ربه (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) أي : بالخلف الذي وعده الله تعالى في قوله تعالى : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ)(٦) [سبأ : ٣٩].
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦١٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٥) وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ٢٨٨) والقرطبي (٢٠ / ٥٦).
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٥) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦١٢ ، ٦١٣) عن ابن عباس وأبي عبد الرحمن السلمي والضحاك.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٥) عن أبي عبد الرحمن السلمي وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) تقدم.
(٦) أخرجه الطبري «تفسيره» (١٢ / ٦١٤) عن ابن عباس.