فصل في بيان الخطاب لمن؟!
هذا الخطاب قيل : للنبي صلىاللهعليهوسلم.
وقيل : عامّ ، والنعيم : ما يتنعم به.
والملك الكبير : قال سفيان الثوري : بلغنا أن الملك الكبير ، تسليم الملائكة عليهم.
وقيل : كون التيجان على رءوسهم كما يكون على رءوس الملوك.
وقال السديّ ومقاتل : هو استئذان الملائكة عليهم (١).
وقال الحكيم الترمذي : هو ملك التكوين إذا أراد شيئا قال له : كن.
وفي الخبر : أن الملك الكبير هو أن أدناهم منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألفي عام ، يرى أقصاه كما يرى أدناه ، وأن أفضلهم منزلة من ينظر في وجه ربّه ـ تعالى ـ كل يوم مرتين.
و «عينا» فيها من الوجوه ما تقدم ، قوله «سلسبيلا» السلسبيل : ما سهل انحداره في الحلق ، قال الزجاج : هو في اللغة صفة لما كان في غاية السلاسة ، وقال الزمخشري : يقال : شراب سلسل وسلسال وسلسبيل ، وقد زيدت الباء في التركيب حتى صارت الكلمة خماسية ، ودلت على غاية السلاسة.
قال أبو حيان (٢) : فإن كان عنى أنه زيدت حقيقة فليس بجيد ؛ لأن الباء ليست من حروف الزيادة المعهودة في علم النحو ، وإن عنى أنها حرف جاء في سنخ الكلمة ، وليس في سلسل ولا سلسال ؛ فيصح ، ويكون مما اتفق معناه وكان مختلفا في المادة.
وقال ابن الأعرابي : لم أسمع السلسبيل إلا في القرآن.
وقال مكي : هو اسم أعجمي نكرة فلذلك صرف. ووزن سلسبيل فعلليل مثل دردبيس(٣).
وقيل : فعفليل ؛ لأن الفاء مكررة.
وقرأ طلحة سلسبيل دون تنوين ومنعت من الصرف للعلمية والتأنيث ؛ لأنها اسم لعين بعينها ، وعلى هذا فكيف صرفت في قراءة العامة؟ فيجاب أنها سميت بذلك لا على
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٩٤).
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٩٠.
(٣) الدّردبيس : خرزة سوداء كأن سوادها لون كبد إذا رفعتها واستشففتها رأيتها تشفّ مثل لون العنبة الحمراء تتحبّب بها المرأة إلى زوجها انظر اللسان (دربس).