البحر سجوّا ، أي : سكنت أمواجه وطرف ساج ، أي : فاتر ، ومنه استعير تسجية الميت ، أي: تغطيته بالثوب ؛ قاله الراغب.
وقال الأعشى : [الطويل]
٥٢٣٢ ـ فما ذنبنا أن جاش بحر ابن عمّكم |
|
وبحرك ساج ما يواري الدّعامصا (١) |
وقال الفراء : أظلم.
وقال ابن الأعرابي : اشتد ظلامه.
وقال الشاعر : [الرجز]
٥٢٣٣ ـ يا حبّذا القمراء واللّيل السّاج |
|
وطرق مثل ملاء النّسّاج (٢) |
[قال الضحاك : سجا غطى كل شيء (٣).
قال الأصمعي : سجو الليل ؛ تغطيته النهار ، ومثل ما يسجّى الرجل الثوب.
وعن ابن عباس : سجا أدبر ، وعنه : أظلم (٤).
وقال سعيد بن جبير : أقبل (٥).
وعن مجاهد : سجا : استوى (٦).
والقول الأول أشهر في اللغة ، أي : سكن الناس فيه كما قال : نهار صائم وليل قائم.
وقيل : سكونه استقرار ظلامه ، وهو من ذوات الواو ، وإنما أميل لموافقة رءوس الآي ، كالضحى ، فإنه من ذوات الواو أيضا](٧).
فصل
قال ابن الخطيب (٨) : وقدم هنا الضحى ، وفي السورة التي قبلها قدم الليل إما لأن لكلّ منهما أثر عظيم في صلاح العالم ، ولليل فضيلة السبق لقوله تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ
__________________
(١) ينظر ديوانه ١٠٠ ، والقرطبي ٢٠ / ٦٢ ، والبحر ٨ / ٤٨٠ ، ومجمع البيان ١٠ / ٧٦٣ ، والدر المصون ٦ / ٣٧.
(٢) البيت للحارثي ينظر الخصائص ٢ / ١١٥ ، وشرح المفصل ٧ / ١٣٩ ، ١٤١ ، ومجاز القرآن ٢ / ٣٠٢ ، والطبري ٣٠ / ١٤٧ ، والبحر ٨ / ٤٨٠ ، ومجمع البيان ١٠ / ٧٦٢ ، والدر المصون ٦ / ٥٣٧.
(٣) ينظر تفسير القرطبي (٢٠ / ٦٢).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٢١) عن ابن عباس وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٩).
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٩) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٢٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٩) وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٧) سقط من : ب.
(٨) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ١٨٩.