٥٢٣٩ ـ .......... |
|
ولست بمقليّ الخلال ولا قال (١) |
ومعنى الآية : ما ودعك ربك وما قلاك ، فترك الكاف ، لأنه رأس آية ، كقوله تعالى : (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) [الأحزاب : ٣٥] أي : والذاكرات الله.
فصل في سبب نزول الآية
قال المفسرون : انحبس الوحي عن النبي صلىاللهعليهوسلم اثني عشر يوما.
وقال ابن عباس : خمسة عشر يوما [وقيل خمسة وعشرين يوما.
وقال مقاتل : أربعين يوما](٢).
فقال المشركون : إن محمدا صلىاللهعليهوسلم قلاه ربه وودعه ، ولو كان أمره من الله لتابع عليه كما كان يفعل بمن كان قبله من الأنبياء ، فنزلت هذه الآية.
وروى البخاريّ عن جندب بن سفيان قال : اشتكى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلم يقم ليلتين ، أو ثلاثا ، فجاءت أم جميل امرأة أبي لهب ـ لعنة الله عليها ـ فقالت : يا محمد ، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك ، لم أره قربك منذ ليلتين ، أو ثلاث ، فأنزل الله تعالى : (وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)(٣).
وروي عن أبي عمران الجوني ، قال : أبطأ جبريل على النبي صلىاللهعليهوسلم حتى شق عليه ، فجاءه وهو واضع جبهته على الكعبة يدعو ، فنكت بين كتفيه ، وأنزل عليه : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)(٤).
وروي أن خولة كانت تخدم النبي صلىاللهعليهوسلم فقالت : إن جروا دخل البيت ، فدخل تحت السرير فمات ، فمكث نبي الله أياما لا ينزل عليه الوحي ، فقال : «يا خولة ما حدث في بيتي؟ ما لجبريل لا يأتيني»؟ قالت خولة : فقلت : لو هيأت البيت ، وكنسته ، فأهويت بالمكنسة تحت السرير ، فإذا جرو ميت ، فأخذته ، فألقيته خلف الجدار ، فجاء نبي الله صلىاللهعليهوسلم ترعد لحياه ـ وكان إذا نزل عليه الوحي استقبلته الرعدة ـ فقال : يا خولة دثّريني ، فأنزل
__________________
(١) عجز بيت وصدره :
صرفت الهوى عنهنّ من خشية الردى
ينظر ديوانه ص ٣٥ ، والسان (خلل) ، والقرطبي ٢٠ / ٦٤.
(٢) سقط من ب.
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ٥٨٠) كتاب التفسير : باب ما ودعك ربك وما قلى ، رقم (٤٩٥٠) ومسلم (٣ / ١٤٢٢) كتاب الجهاد والسير : باب ما لقي النبي صلىاللهعليهوسلم من أذى المشركين رقم (١١٥ / ١٧٩٧) والترمذي (٥ / ٤١١) رقم (٣٣٤٥) والنسائي في «الكبرى» (٦ / ٥١٨) والطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٢٣) من حديث جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي. وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
(٤) ينظر تفسير القرطبي (٢٠ / ٦٣).