لذة ، ولا للإسلام حلاوة ، فإذا طرد في الابتداء حصل الأمن ، وانشرح الصدر.
فإن قيل : لم قال : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) ولم يقل : «ألم نشرح صدرك»؟.
فالجواب : كأنه تعالى يقول : لام بلام ، فأنت إنما تفعل الطاعات لأجلي ، وأنا أيضا جميع ما أفعله لأجلك.
فصل فيمن اعتبر «والضحى» ، و «ألم نشرح» سورة واحدة
روي عن طاوس ، وعمر بن عبد العزيز أنهما كانا يقرآن : «والضّحى» ، و (أَلَمْ نَشْرَحْ) سورة واحدة ، وكانا يقرآنهما في ركعة واحدة ، ولا يفصلان بينهما ب «بسم الله الرّحمن الرّحيم» ، وذلك لأنهما رأيا أن أولهما يشبه قوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى). وليس كذلك ، لأن حالة اغتمامه صلىاللهعليهوسلم بإيذاء الكفار ، فهي حالة محنة وضيق ، وهذه حالة انشراح الصدر ، وطيب القلب فكيف يجتمعان؟.
قوله : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) ، أي : حططنا عنك ذنبك.
وقرأ أنس ـ رضي الله عنه ـ وحللنا وحططنا (١).
وقرأ ابن مسعود (٢) : «وحللنا عنك وقرك». وهذه الآية مثل قوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) [الفتح : ٢].
قيل : الجميع كانوا قبل النبوة ، أي : وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية ؛ لأنه كانصلىاللهعليهوسلم كان في يسر من مذاهب قومه ، وإن لم يكن عبد صنما ، ولا وثنا.
قوله : (الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) ، أي : حمله على النقض ، وهو صوت الانتقاض والانفكاك لثقله ، مثل لما كان يثقله صلىاللهعليهوسلم.
قال أهل اللغة : أنقض الحمل ظهر الناقة : إذا سمعت له صريرا من شدة الحمل ، وسمعت نقيض الرجل أي صريره ؛ قال العبّاس بن مرداس : [الطويل]
٥٢٥٠ ـ وأنقض ظهري ما تطوّيت منهم |
|
وكنت عليهم مشفقا متحنّنا (٣) |
وقال جميل : [الطويل]
٥٢٥١ ـ وحتّى تداعت بالنّقيض حباله |
|
وهمّت بواني زوره أن تحطّما (٤) |
والمعنى : أثقل ظهرك حين سمع نقيضه ، أي : صوته.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٧٠ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٩٧.
(٢) ينظر السابق.
(٣) ينظر البحر ٨ / ٤٨٤ ، والدر المصون ٦ / ٥٤١ ، وفتح القدير ٥ / ٤٦١.
(٤) ينظر القرطبي ٢٠ / ٧٢ ، والبحر ٨ / ٤٨٤ ، والدر المصون ٦ / ٥٤١ ، وفتح القدير ٥ / ٤٦١.