حيلة يقال : سفل يسفل فهو سافل ، وهم سافلون كما تقول : علا يعلو فهو عال وهم عالون](١).
وعن مجاهد وأبي العالية : (أَسْفَلَ سافِلِينَ) إلى النار (٢) ، يعني الكافر.
قال علي رضي الله عنه : أبواب جهنّم بعضها أسفل من بعض ، فيبدأ بالأسفل فيملأ وهو أسفل السافلين (٣). وعلى هذا التقدير : ثم رددناه إلى أسفل ، وفي أسفل السافلين.
قوله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) فيه وجهان :
أحدهما : متصل على أن المعنى : رددناه أسفل من سفل خلقا وتركيبا ، يعني أقبح من قبح خلقه ، وأشوههم صورة ، وهم أهل النار ، فالاتصال على هذا واضح.
والثاني : أنه منقطع على أن المعنى : ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفل من سفل في الحسن والصورة والشكل ، حيث نكسناه في خلقه ، فقوس ظهره ، وضعف بصره وسمعه والمعنى: ولكن والذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم على طاعتهم ، وصبرهم على الابتداء بالشيخوخة ، ومشاق العبادة ، قاله الزمخشري (٤) ملخصا ، وقال : أسفل سافلين على الجمع ؛ لأن الإنسان في معنى الجمع.
قال الفرّاء : ولو قال : أسفل سافل جاز ، لأن لفظ الإنسان واحد كما تقول : هذا أفضل ، ولا تقول : أفضل قائمين ، لأنك تضمر الواحد ، فإن كان الواحد غير مضمور له ، رجع اسمه بالتوحيد ، والجمع ، كقوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [الزمر: ٣٣] ، وقوله تعالى : (إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها) [الشورى : ٤٨].
قوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ).
قال الضحاك : أجر بغير عمل.
وقيل : غير مقطوع أي : لا يمن به عليهم.
قوله تعالى : (فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ). «ما» استفهامية في محل رفع بالابتداء والخبر الفعل بعدها والمخاطب : الإنسان على طريقة الالتفات ، توبيخا ، وإلزاما للحجّة ، والمعنى:
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٣٨) ، عن الحسن وابن زيد.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٢٠) ، عن مجاهد وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) ذكره الرازي في «تفسيره» (٣٢ / ١٢) عن علي رضي الله عنه.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٧٤.