الله صلىاللهعليهوسلم وما لنا طعام إلا الأسودان (١) ؛ وأنشد : [الكامل]
٥٢٥٥ ـ ولقد أراني للرّماح دريئة |
|
من عن يميني تارة وأمامي (٢) |
وتقدم تحقيقه. وقرأ قنبل (٣) بخلاف عنه : «رأه» دون ألف بعد الهمزة ، وهو مقصور من «رآه» في قراءة العامة.
ولا شك أن الحذف جاء قليلا ، كقولهم : «أصاب الناس جهد ولو تر أهل مكة» بحذف لام «ترى» ؛ وقول الآخر : [الرجز]
٥٢٥٦ ـ وصّاني العجّاج فيما وصّني (٤)
يريد : فيما وصاني ، ولما روي عن مجاهد هذه القراءة عن قنبل ، وقال : «قرأت بها عليه» نسبه فيها إلى الغلط ، ولا ينبغي ذلك ، لأنه إذا ثبت ذلك قراءة ، فإن لها وجها وإن كان غيره أشهر منه ، فلا ينبغي أن يقدم على تغليطه.
فصل في نزول الآية
قال ابن عبّاس في رواية «أبي صالح» : لما نزلت هذه الآية وسمع بها المشركون ، أتاه أبو جهل ، فقال : يا محمد ، أتزعم أنه من استغنى طغى ، فاجعل لنا جبال «مكة» ذهبا لعلنا نأخذ منها فنطغى ، فندع ديننا ، ونتبع دينك ، قال : فأتاه جبريل ـ عليهالسلام ـ فقال : يا محمد خيّرهم في ذلك ، فإن شاءوا فعلنا لهم ما أرادوه ، فإن لم يفعلوا فعلنا بهم كما فعلنا بأصحاب المائدة فعلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنهم لا يقبلون ذلك ، فكفّ عنهم أسفا عليهم (٥).
[وقيل : أن رآه استغنى بالعشيرة والأنصار والأعوان ، وحذف اللام من قوله : «أن رآه» كما يقال : إنكم لتطغون أن رأيتم غناكم](٦).
قوله : (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى). هذا الكلام واقع على طريقة الالتفات إلى الإنسان تهديدا له وتحذيرا من عاقبة الطغيان ، والمعنى : أن مرجع من هذا وصفه إلى الله تعالى ، فيجازيه.
__________________
(١) تقدم.
(٢) البيت لقطري بن الفجاءة ؛ ينظر ديوانه ص ١٧١ ، وخزانة الأدب (١ / ١٥٨) ، ١٦٠ ، والدرر (١٨٥١٤ ، ٢٦٩١٢) ، وشرح التصريح (٢ / ١٠) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٣٦ ، وشرح شواهد العيني (١ / ٤٣٨) ، والمقاصد النحوية (٣ / ١٥٠ ، ٣٠٥) ، وأسرار العربية ص ٢٥٥ ، والأشباه والنظائر (٣ / ١٣) ، وأوضح المسالك (٣٣ / ٥٧) ، وجواهر الأدب ص ٣٢٢ ، ومغني اللبيب (١ / ١٤٩) ، وهمع الهوامع (١ / ١٥٦ ، ٢ / ٣٦).
(٣) ينظر : السبعة (٦٩٢) ، والحجة ٦ / ٤٢٣ ، وإعراب القراءات (٢ / ٥٠٨) ، وحجة القراءات (٧٦٧).
(٤) البيت لرؤبة بن العجاج ينظر اللسان (وصى) ، والبحر (٨ / ٤٨٩) ، والدر المصون (٦ / ٥٤٦).
(٥) ينظر تفسير القرطبي (٢٠ / ٨٣).
(٦) سقط من : ب.