وقيل : هو مأخوذ من سفعت النار والشمس إذا غيرت وجهه إلى حال تسويد.
قال : [الكامل]
٥٢٥٨ ـ أثافي سفعا في معرس مرجل |
|
ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع (١) |
قال القرطبي (٢) : السفع الضرب ، أي : ليلطمن وجهه ، وكله متقارب المعنى ، أي : يجمع عليه الضرب عند الأخذ ، ثم يجر إلى جهنم.
وقرأ ابن مسعود (٣) : «لأسفعن» ، أي : يقول الله تعالى : يا محمد أنا الذي أتولى إهانته ، لقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ) [الأنفال : ٦٢] ، (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ) [الفتح : ٤] ، والناصية : شعر مقدم الرأس ، وقد يعبر بها عن جملة الإنسان ، وخص الناصية بالذكر على عادة العرب فيمن أرادوا إذلاله وإهانته أخذوا بناصيته.
قوله : (ناصِيَةٍ) بدل من «الناصية» ، بدل نكرة من معرفة.
قال الزمخشري (٤) : «وجاز بدلها عن المعرفة ، وهي نكرة ، لأنها وصفت ، فاستقلت بفائدة».
قال شهاب الدين (٥) : وهذا مذهب الكوفيين ، لا يجيزون إبدال نكرة من غيرها إلا بشرط وصفها ، وكونها بلفظ الأول ، ومذهب البصريين : لا يشترط بشيء ؛ وأنشدوا : [الوافر]
٥٢٥٩ ـ فلا وأبيك خير منك إني |
|
ليؤذيني التحمحم والصهيل (٦) |
وقرأ أبو حياة ، وابن أبي عبلة (٧) ، وزيد بن علي : بنصب «ناصية كاذبة خاطئة» على الشتم.
وقرأ الكسائي في روآية (٨) : بالرفع ، على إضمار : هي ناصية ، ونسب الكذب والخطأ إليها مجازا. والألف واللام في «الناصية» قيل : عوض من الإضافة ، أي : بناصيته.
وقيل : الضمير محذوف ، أي : الناصية منه.
فصل في معنى الآية
والمعنى : لنأخذن بناصية أبي جهل «كاذبة» في قولها ، «خاطئة» في فعلها ،
__________________
(١) ينظر القرطبي ٢٠ / ٨٥.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٨٥.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٧٨ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٥٠٣.
(٤) الكشاف ٤ / ٧٧٨.
(٥) الدر المصون ٦ / ٥٤٧.
(٦) تقدم.
(٧) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٥٠٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٩١ ، والدر المصون ٦ / ٥٤٧.
(٨) ينظر السابق.