وقال آخر : [الطويل]
٥٢٦٢ ـ ومستعجب مما يرى من أناتنا |
|
ولو زبنته الحرب لم يترمرم (١) |
[قال عتبة : زبنتنا الحرب ، وزبناها ، ومنه الزبون لأنه يدافع من بائع إلى آخر.
وقال أبو الليث السمرقندي رحمهالله : ومنه المزابنة في البيع ؛ لأنهم يعملون بأرجلهم ، كما يعملون بأيديهم](٢).
وقرأ العامة : «سندع» بنون العظمة ، ولم ترسم بالواو ، وتقدم نظيره ، نحو (يَدْعُ الدَّاعِ) [القمر : ٦].
وقرأ ابن أبي عبلة (٣) : «سيدعى الزبانية» مبنيا للمفعول ورفع «الزبانية» لقيامها مقام الفاعل.
فصل في المراد بالزبانية
قال ابن عباس : الملائكة الغلاظ الشداد ، وروي أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما قرأ هذه السورة وبلغ إلى قوله تعالى : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) قال أبو جهل : أنا ادعوا قومي حتى يمنعوا عني ربك ، قال الله تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) فلما ذكر الزبانية رجع فزعا ، فقيل له : أخشيت منه؟.
قال : لا ، ولكن رأيت عنده فارسا ، فهددني بالزبانية فما أدري ما الزبانية ؛ ومال إلي الفارس ، فخشيت منه أن يأكلني.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : والله لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته. خرجه الترمذي بمعناه (٤).
قوله : (كَلَّا) أي : ليس الأمر كما يظنه أبو جهل «لا تطعه» فيما دعاك إليه من ترك الصلاة «واسجد» ، أي : صل لله «واقترب» أي : اقترب إلى الله بالطاعة والعبادة.
وقيل : المعنى : إذا سجدت اقترب من الله بالدعاء.
قال صلىاللهعليهوسلم : «أما الركوع فعظموا فيه الرب تعالى ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم» (٥).
__________________
(١) البيت لأوس بن حجر ينظر ديوانه (١٢١) ، والمحتسب ٢ / ١٠٨ ، والكامل ٣ / ٣٨٥ ، والحجة للفارسي ١ / ٢٦٥ ، ومجمع البيان ١ / ٧٧٩ ، والبحر ٨ / ٤٨٧ ، والدر المصون (٦ / ٥٤٨).
(٢) سقط من : ب.
(٣) ينظر : الكشاف (٤ / ٧٧٩) ، والبحر المحيط (٨ / ٤٩١) ، والدر المصون (٦ / ٥٤٨).
(٤) أخرجه الترمذي (٥ / ٤١٤) ، كتاب : التفسير رقم (٣٣٤٩) والنسائي في «الكبرى» (٦ / ١٥٨) من طريق عكرمة عن ابن عباس وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح.
(٥) تقدم.