وقيل : لو تعلمون لماذا خلقتم لاشتغلتم وحذف الجواب أفخر ، لأنه يذهب الوهم معه كل مذهب ، قال تعالى : (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ) [الأنبياء : ٣٩] ، وقال تعالى: (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) [الأنعام : ٢٧] وأعاد «كلّا» ، وهو زجر وتنبيه ؛ لأنه عقب كل واحد بشيء آخر ، كأنه قال : لا تفعلوا ، فإنكم تندمون ، لا تفعلوا ، فإنكم تستوجبون العقاب.
و (عِلْمَ الْيَقِينِ) مصدر.
قيل : وأصله العلم اليقين ، فأضيف الموصوف إلى صفته.
وقيل : لا حاجة إلى ذلك ؛ لأن العلم يكون يقينا وغير يقين ، فأضيف إليه إضافة العام للخاص ، وهذا يدل على أنّ اليقين أخصّ.
فصل في المراد باليقين
قال المفسّرون : أضاف العلم إلى اليقين ، كقوله تعالى : (لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) [الواقعة : ٩٥] ، قال قتادة : اليقين هنا : الموت (١).
وعنه أيضا : البعث (٢) ، لأنه إذا جاء زال الشكّ ، أي : لو تعلمون علم البعث أو الموت ، فعبر عن الموت باليقين ، كقولك : علم الطب ، وعلم الحساب ، والعلم من أشد البواعث على الفعل ، فإذا كان بحيث يمكن العمل ، كان تذكرة ، وموعظة ، وإن كان بعد فوات العمل كان حسرة ، وندامة ، وفيها تهديد عظيم للعلماء ، الذين لا يعملون بعلمهم.
قوله : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ). جواب قسم مقدر ، أي : لترون الجحيم في الآخرة.
والخطاب للكفار الذين وجبت لهم النار.
وقيل : عام [كقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) [مريم : ٧١] فهي للكفار دار ، وللمؤمنين ممرّ](٣).
وقرأ (٤) ابن عامر ، والكسائي : «لترونّ» مبنيا للمفعول ، وهي مفعولة من «رأى» الثلاثي أي : أريته الشيء ، فاكتسب مفعولا آخر ، فقام الأول مقام الفاعل ، وبقي الثاني منصوبا.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٨٠) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٦٠) ، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٨٠) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٦٠) ، وعزاه إلى الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) سقط من : أ.
(٤) ينظر : السبعة ٦٩٥ ، والحجة ٦ / ٤٣٤ ، وإعراب القراءات ٢ / ٥٢٤ ، وحجة القراءات ٧٧١.