إنّ عدوّ البيت من عاداكا |
|
إنّهم لن يقهروا قواكا (١) |
فالتفت ، وهو يدعو ، فإذا هو بطير من ناحية «اليمن» ، فقال : والله إنها لطير غريبة ، ما هي بنجدية ولا تهامية ، وكان مع كل طائر حجر في منقاره ، وحجران في رجليه أكبر من العدسة ، وأصغر من الحمصة.
قال الراوي : فأرسل عبد المطلب حلقة الكعبة ثم انطلق هو ومن معه من قريش إلى شعب الجبال ، فتحرّزوا فيها ينظرون ما يفعل أبرهة إذا دخل «مكة» ، فأرسل الله عليهم طيرا من البحر [أمثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منها ثلاثة أحجار فكان الحجر يقع](٢) على رأس الرجل فيخرج من دبره ، وعلى كل حجر اسم من يقع عليه ، فهلكوا في كل طريق ، ومنهل.
روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه رأى من تلك الأحجار عند أم هانىء نحو قفيز مخططة بحمرة كالجزع الظفاري (٣).
قال الراوي : وليس كلهم أصابت ، وخرجوا هاربين يبتدرون إلى الطّريق التي منها جاءوا.
وروي أن أبرهة تساقطت أنامله ، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ، وانقلب هو ووزيره أبو يكسوم ، وطائر يحلق فوقه حتى قدموا «صنعاء» وهو مثل فرخ الطائر.
وقيل : قدموا على النجاشي ، فقصّ عليه القصة فلما تممها وقع عليه الحجر فخرّ ميتا بين يديه.
فصل في ميلاد النبي صلىاللهعليهوسلم
حكى الماوردي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ولدت عام الفيل» (٤).
وقال في كتاب «أعلام النبوة» : ولد رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ، وكان بعد الفيل بخمسين يوما ، ووافق من شهور الروم العشرين من أشباط ، في السّنة الثانية عشرة من ملك هرمز بن أنوشروان.
قال : وحكى أبو جعفر الطبري : أن مولده صلىاللهعليهوسلم كان لاثنتين وأربعين سنة من ملك أنوشروان.
__________________
(١) الأبيات لعبد المطلب بن هاشم قالها وهو واقف بباب الكعبة عندما أراد الأحباش هدمها.
ينظر الطبري ٣٠ / ١٩٥ ، والكشاف ٤ / ٧٩٩ ، ومجمع البيان ١٠ / ٨٢٣ ، والقرطبي ٢٠ / ١٣٠.
(٢) سقط من : ب.
(٣) ينظر تفسير الماوردي (٦ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠) ، والقرطبي (٢٠ / ١٢٩ ـ ١٣٤) ، والدر المنثور (٦ / ٦٧٢ ـ ٦٧٣).
(٤) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ٣٣٨).