وقيل : إنه ـ عليهالسلام ـ حملت به أمه آمنة في يوم عاشوراء من المحرم حكاه ابن شاهين أبو حفص في فضائل يوم عاشوراء ، وولد يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، فكانت مدة الحمل ثمانية أشهر كملا ويومين من التاسع.
وقال ابن العربي : قال ابن وهب عن مالك : ولد رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الفيل [قال] قيس بن مخرمة : ولدت أنا ورسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الفيل.
وقال عبد الملك بن مروان لعتّاب بن أسيد : أنت أكبر أم النبي صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : النبي صلىاللهعليهوسلم أكبر مني وأنا أسنّ منه ، ولد النبي صلىاللهعليهوسلم عام الفيل ، وأنا أدركت سائسه وقائده أعميين مقعدين يستطعمان الناس.
فصل في أن قصة الفيل من معجزات النبي صلىاللهعليهوسلم
قال بعض العلماء : كانت قصة الفيل فيما بعد من معجزات النبي صلىاللهعليهوسلم وإن كانت قبله ، وقبل التحدي ، لأنها كانت توكيدا لأمره ، وتمهيدا لشأنه ، ولما تلا عليهم رسول اللهصلىاللهعليهوسلم هذه السورة كان بمكة عدد كثير ممن شهد تلك الواقعة ، ولهذا قال : «ألم تر» ولم يكن ب «مكة» أحد إلّا وقد رأى قائد الفيل ، وسائقه أعميين [يتكففان](١) الناس.
قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ مع حداثة سنّها : «لقد رأيت قائد الفيل وسائقه أعميين يستطعمان النّاس» (٢).
قوله : (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) ، أي : في إبطال ، وتضييع ؛ لأنهم أرادوا أن يكيدوا قريشا بالقتل ، والسبي ، والبيت بالتخريب ، والهدم.
قالت المعتزلة (٣) : إضافة الكيد إليهم دليل على أنه ـ تعالى ـ لا يرضى بالقبيح ، إذ لو رضي لأضافه إلى ذاته.
قوله : (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ).
قال النحاة : «أبابيل» نعت ل «طير» لأنه اسم جمع.
وأبابيل : قيل : لا واحد له ، كأساطير وعناديد.
وقيل : واحده : «إبّول» ك «عجّول».
وقيل : «إبّال» ، وقيل : «إبّيل» مثل سكين.
وحكى الرقاشيّ : «أبابيل» جمع «إبّالة» بالتشديد.
__________________
(١) في ب : يستطعمان.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ١٣٣) ، وقد أخرجه البيهقي في «الدلائل» (١ / ١٢٥).
(٣) ينظر الرازي ٣٢ / ٩٢ ـ ٩٣.