وحكى الفرّاء : «إبالة» مخففة.
فصل في لفظ «أبابيل»
الأبابيل : الجماعات شيئا بعد شيء ؛ قال : [الطويل]
٥٣٠٩ ـ طريق وجبّار رواء أصوله |
|
عليه أبابيل من الطّير تنعب (١) |
وقال آخر : [البسيط]
٥٣١٠ ـ كادت تهدّ من الأصوات راحلتي |
|
إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل (٢) |
قال أبو عبيدة : أبابيل : جماعات في تفرقة ، يقال : جاءت الطير أبابيل من هاهنا ، وهاهنا.
قال سعيد بن جبير : كانت طيرا من السّماء لم ير مثلها (٣).
وروى الضحاك عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّها طير بين السّماء والأرض تعشّش وتفرّخ» (٤).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ كان لها خراطيم كخراطيم الفيلة ، وأكفّ كأكفّ الكلاب (٥).
وقال عكرمة : كانت طيرا خضرا خرجت من البحر ، لها رءوس كرءوس السّباع ، ولم تر قبل ذلك ، ولا بعده (٦).
وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : هي أشبه شيء بالخطاطيف (٧).
[وقيل : إنها أشبه بالوطاويط].
وقيل : إنها العنقاء التي يضرب بها الأمثال.
قال النحاس : وهذه الأقوال متفقة المعنى ، وحقيقة المعنى : أنها جماعات عظام ، يقال : فلان يؤبل على فلان ، أي : يعظم عليه ويكثر ، وهو مشتقّ من الإبل.
قال ابن الخطيب (٨) : هذه الآية ردّ على الملحدين جدّا ، لأنهم ذكروا في الزّلازل ، والرياح والصواعق ، والخسف ، وسائر الأشياء التي عذب الله ـ تعالى ـ بها الأمم أعذارا
__________________
(١) البيت للأعشى ، ينظر ديوانه ١١ ، والقرطبي ٢٠ / ١٣٤ ، ومجمع البيان ١٠ / ٨٢٥ ، والبحر ٨ / ٥١١ ، والدر المصون ٦ / ١٣٤.
(٢) ينظر القرطبي ٢٠ / ١٣٤ ، والبحر ٨ / ٥١١ ، والدر المصون ٦ / ٥٥٠.
(٣) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ٣٤٢) ، والقرطبي (٢٠ / ١٣٤).
(٤) ينظر المصدر السابق وقد ذكراه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.
(٥) ينظر المصدر السابق.
(٦) ينظر المصدر السابق.
(٧) سقط من : ب.
(٨) الفخر الرازي ٣٢ / ٩٢ ـ ٩٣.