وعنه أيضا ، وعن ابن كثير : «إلفهم» ، وهي ساكنة اللام بغير ياء ، وهي قراءة مجاهد وحميد.
وروت أسماء ـ رضي الله عنها ـ أنها سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ : «إلفهم» ، وهو مروي أيضا عن ابن عبّاس وغيره.
وعنه أيضا وعن ابن عامر : «إلافهم» مثل «كتابهم».
وعنه أيضا : «ليلافهم» بياء ساكنة بعد اللام ، وذلك أنه لما أبدل الثانية حذف الأولى على غير قياس.
وقرأ عكرمة (١) : «ليألف قريش» فعلا مضارعا.
وعنه أيضا (٢) : «لتألف قريش» على الأمر واللام مكسورة ، وعنه فتحها مع الأمر وهي لغة.
فصل في اتصال السورة بما قبلها
تقدم أن هذه السورة ، متصلة بما قبلها في المعنى ، أي : أهلكت أصحاب الفيل لإيلاف قريش ، أي : لتأليف قريش ، أو لتنفق قريش ، أو لتأمن قريش فتؤلف رحلتيها.
قال ابن الخطيب (٣) : فإن قيل : إنما كان الإهلاك لكفرهم.
قلنا : جزاء الكفور يكون يوم القيامة ، يجزي كل نفس بما كسبت للأمرين معا ، ولكن لا تكون اللام لام العاقبة ، أو يكون المعنى : «ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل ؛ لإيلاف قريش» ، أي : كل ما تضمنته السورة «لإيلافهم» ، أو تكون اللّام بمعنى «إلى» ، أي : وجعلنا هذه النعم مضافا إلى قريش.
وقال الكسائي والأخفش : اللام في (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) لام التعجب. أي اعجبوا لإيلاف قريش ، نقله القرطبي (٤).
قال الفراء : هذه السورة متصلة بالسورة الأولى ؛ لأنه ذكر أهل «مكة» عظيم نعمته عليهم فيما صنع بالحبشة ، ثم قال ـ جلا وعلا ـ : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ). أي : فعلنا بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش ، وذلك أن قريشا كانت تخرج في تجارتها ، فلا يغار عليها في الجاهلية ، يقولون : هم أهل بيت الله تعالى حتّى جاء صاحب الفيل ليهدم الكعبة فأهلكه الله تعالى ، فذكرهم نعمته ، أي : فجعل الله تعالى ذلك (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) أي :
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٨٠٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٥١٥ ، والدر المصون ٦ / ٥٧٢.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٥١٥.
(٣) الفخر الرازي ٣٢ / ٩٧.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ١٣٨.