ابنته وكانت من أجمل النساء ، وعرض عليه الوليد أن يعطيه من الأموال حتى يرضى ، ويترك ما هو عليه ، فقرأ عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشر آيات من أول «حم» السجدة ، إلى قوله : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) [فصلت : ١ ـ ١٣] ، فانصرفا عنه وقال أحدهما : ظننت أنّ الكعبة ستقع عليّ.
قوله : (أَوْ كَفُوراً). في «أو» هذه أوجه :
أحدها : أنها على بابها ، وهو قول سيبويه.
قال أبو البقاء : وتفيد في النهي عن الجميع ، لأنك إذا قلت في الإباحة : جالس الحسن أو ابن سيرين كان التقدير : جالس أحدهما فإذا نهي قال : لا تكلم زيدا أو عمرا ، فالتقدير : لا تكلم أحدهما ، فأيهما كلمه كان أحدهما فيكون ممنوعا منه ، فكذلك في الآية ، ويؤول المعنى إلى تقدير : ولا تطع منهما آثما ولا كفورا.
قال الزمخشري رحمهالله : فإن قلت : معنى «أو» ولا تطع أحدهما ، فهلا جيء بالواو لتكون نهيا عن طاعتهما جميعا؟.
قلت : لو قال : لا تطعهما لجاز أن يطيع أحدهما ، وإذا قيل : لا تطع أحدهما علم أن الناهي عن طاعة أحدهما هو عن طاعتهما جميعا أنهى ، كما إذا نهي أن يقول لأبويه : «أفّ» علم أنه منهي عن ضربهما على طريق الأولى.
الثاني : أنها بمعنى «لا» ، أي : لا تطع من أثم ولا من كفر.
قال مكي : «وهو قول الفراء ، وهو بمعنى الإباحة التي ذكرنا».
الثالث : أنها بمعنى الواو ، وقد تقدم أن ذلك قول الكوفيين.
والكفور وإن كان يستلزم الإثم إلا أنه عطف لأحد أمرين :
إما أن يكونا شخصين بعينهما كما تقدم فالآثم عتبة ، والكفور الوليد.
وإما لما قاله الزمخشري : «فإن قلت : كانوا كلهم كفرة ، فما معنى القسمة في قوله (آثِماً أَوْ كَفُوراً)؟.
قلت : معناه لا تطع منهم راكبا لما هو إثم داعيا لك إليه أو فاعلا لما هو كفر داعيا لك إليه ، لأنهم إمّا أن يدعوه إلى مساعدتهم على فعل هو إثم أو كفر ، أو غير إثم ولا كفر ، فنهي أن يساعدهم على الاثنين دون الثالث».
فصل
قال ابن الخطيب (١) : قوله تعالى : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) يدخل فيه ألّا تطع فيه آثما أو كفورا ، فكأن ذكره بعد ذلك تكرار؟.
__________________
(١) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٢٢٨.