مرفوع بالابتداء ، وعلى تقدير النصب يكون التقدير : أكرمت الذي يزورنا ، فأكرمت ذلك الذي يحسن إلينا ، فاسم الإشارة في هذا التقدير غير متمكّن تمكن ما هو فصيح ، إذ لا حاجة إلى أن يشار إلى «الذي يزورنا» ، بل الفصيح : أكرمت الذي يزورنا ، فالذي يحسن إلينا ، أو «أكرمت الذي يزورنا ، فيحسن إلينا» ، وأما قوله : «إما عطف ذات على ذات» ، فلا يصح ؛ لأن «فذلك» إشارة إلى «الّذي يكذّب» فليسا بذاتين ؛ لأن المشار إليه بقوله : «فذلك» ، هو واحد ، وأما قوله : «ويكون جواب أرأيت محذوفا» فلا يسمّى جوابا ، بل هو في موضع المفعول الثاني ل «أرأيت» ، وأما تقديره «أنعم ما يصنع» فهمزة الاستفهام لا نعلم دخولها على «نعم» ، ولا «بئس» ، لأنهما إنشاء ، والاستفهام لا يدخل إلا على الخبر ، انتهى.
[والجواب عن قوله : «فاسم الإشارة غير متمكن» إلى آخره ، أن الفرق بينهما أن في الآية الكريمة استفهاما وهو «أرأيت» فحسن أن يفسر ذلك المستفهم منه بخلاف المثال الذي مثل به ، فمن ثم حسن التركيب المذكور ، وعن قوله : «لأن» فذلك إشارة إلى القائم لا إلى زيد ، وإن كان يجوز أن يكون إشارة إليه ، وعن قوله : «فلا يسمى جوابا» أن النحاة يقولون : جواب الاستفهام ، وهذا قد تقدمه استفهام فحسن ذلك](١) ، وعن قوله :«والاستفهام لا يدخل إلا على الخبر» بالمعارضة بقوله : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) [محمد : ٢٢] فإن «عسى» إنشاء فما كان جوابا له ، فهو جواب لنا.
فصل
قال ابن الخطيب (٢) : هذا اللفظ ، وإن كان في صورة الاستفهام ، لكن الغرض بمثله المبالغة في التعجب كقولك : أرأيت فلانا ماذا ارتكب.
ثم قيل : إنه خطاب للرسول عليه الصلاة والسلام.
وقيل : خطاب لكل عاقل.
قوله : (يَدُعُّ الْيَتِيمَ) قرأ العامة : بضم الدّال ، وتشديد العين من «دعّه» أي : دفعه ، وأمير المؤمنين والحسن (٣) وأبو رجاء : «يدع» بفتح الدال وتخفيف العين.
فصل
قال الضحاك عن ابن عباس : «فذلك الذي يدعّ اليتيم» ، أي : يدفعه عن حقه (٤) ، قال تعالى : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) [الطور : ١٣].
__________________
(١) سقط من : أ.
(٢) الفخر الرازي ٣٢ / ١٠٤.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٥٢٧ ، والبحر المحيط ٨ / ٥١٨ ، والدر المصون ٦ / ٥٧٥.
(٤) وروي من رواية العوفي عنه أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٧٠٤).