[قال قتادة : يقهره ويظلمه ، وقد تقدم في سورة «النساء» أنهم كانوا لا يورثون النساء ، ولا الصغار ، ويقولون : إنما يجوز المال من يطعن بالسنان ويضرب بالحسام](١).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من ضمّ يتيما من المسلمين ، حتّى يستغني فقد وجبت له الجنّة»(٢).
قوله : (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) ، أي : لا يأمر به من أجل بخله ، وتكذيبه الجزاء ، والحساب.
وقرأ زيد (٣) بن علي : «ولا يحاضّ» من المحاضة. وقد تقدم في الفجر.
قال القرطبي (٤) : «وليس الذم عامّا حتى يتناول من تركه عجزا ، ولكنهم كانوا يبخلون ويعتذرون لأنفسهم ، ويقولون : (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) [يس : ٤٧] فنزلت هذه الآية فيهم ، فيكون معنى الآية : لا يفعلونه إن قدروا ، ولا يحثون عليه إن عسروا».
قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) (٧)
قوله : (فَوَيْلٌ) مبتدأ ، ومعناه : عذاب لهم ، وقوله : (لِلْمُصَلِّينَ) خبر ، والفاء للسبب ، أي : تسبب عن هذه الصفات الذّميمة الدعاء عليهم بالويل.
قال الزمخشريّ بعد قوله (٥) : «كأنه قيل : أخبرني» : وما تقول فيمن يكذب بالدين أنعم ما يصنع ، ثم قال الله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) على معنى : فويل لهم ، إلا أنه وضع صفتهم موضع ضميرهم ؛ لأنهم كانوا مع التكذيب وما أضيف إليهم ساهين عن الصلاة مرائين غير مزكين أموالهم.
فإن قلت : كيف جعلت المصلين قائما مقام ضمير (الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) ، وهو واحد؟ قلت : معناه الجمع ؛ لأن المراد الجنس. قال أبو حيان (٦) : وأما وضعه المصلين موضع الضمير ، وأن «المصلّين» جمع ، لأن ضمير «الذي يكذّب» معناه الجمع ، فتكلّف واضح ، ولا ينبغي أن يحمل القرآن إلّا ما عليه الظّاهر ، وعادة هذا الرجل يتكلف أشياء في فهم القرآن ليست بواضحة.
قال شهاب الدين (٧) : وعادة هذا الرجل التّحامل على الزمخشري ، حتى يجعل حسنه قبيحا ، وكيف يرد ما له ، وفيه ارتباط الكلام بعضه ببعض ، وجعله شيئا واحدا ، وما
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) تقدم تخريجه في سورة الضحى.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٥١٨ ، والدر المصون ٦ / ٥٧٥.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ١٤٤.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٨٠٤.
(٦) البحر المحيط ٨ / ٥١٨.
(٧) الدر المصون ٦ / ٥٧٥.