وقيل : لا يتمّون ركوعها ، ولا سجودها.
وقال إبراهيم : هو الذي يلتفت في سجوده. وقال قطرب : هو الذي لا يقرأ ولا يذكر الله ، وفي قراءة عبد الله : «الذين هم عن صلاتهم لاهون» (١).
[وعن ابن عباس أيضا : هم المنافقون يتركون الصلاة سرا ، ويصلونها علانية ، وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى الآية ، وهذا يدل على أنها في المنافقين قوله : (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) ،ورواه ابن وهب عن مالك رضي الله عنه](٢).
فصل
قال ابن عبّاس : ولو قال : «في صلاتهم ساهون» لكانت في المؤمنين (٣) ، وقال عطاء : الحمد لله الذي قال : (عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) ولم يقل : في صلاتهم ، فدل على أن الآية في المنافقين (٤).
قال الزمخشريّ (٥) : فإن قلت : أي فرق بين قوله تعالى : (عَنْ صَلاتِهِمْ) وبين قوله : «في صلاتهم»؟.
قلت : معنى «عن» أنهم ساهون عنها سهو ترك لها ، وقلة التفات إليها ، وذلك فعل المنافقين ، أو الفسقة الشطار من المسلمين ، ومعنى «في» أن السّهو يعتريهم فيها بوسوسة شيطان ، أو حديث نفس ، وذلك لا يكاد يخلو منه إنسان ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يقع له السّهو في صلاته فضلا عن غيره.
قال ابن الخطيب (٦) : قال كثير من العلماء : إنه صلىاللهعليهوسلم ما سها في صلاته لكن أذن الله له في ذلك الفعل بيانا للتشريع في فعل السّاهي ، ثم بتقدير وقوع السهو منه ، فالسهو على أقسام :
__________________
ـ (٢ / ٢١٤) ، وأبو يعلى (٢ / ٦٤) ، عن سعد. وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١ / ٣٢٥) ، وقال : رواه أبو يعلى وإسناده حسن. وذكره مرفوعا (٧ / ١٤٣) ، وقال : رواه الطبراني في «الأوسط» وفيه عكرمة بن إبراهيم وهو ضعيف جدا.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٨٣) ، مرفوعا وموقوفا. وزاد نسبة المرفوع إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. أما الموقوف فزاد نسبته إلى الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه.
(١) ينظر المحرر الوجيز ٥ / ٥٢٧.
(٢) سقط من : ب.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ١٤٤).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٧٠٨) ، عن عطاء بن يسار وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٨٣) ، وعزاه إلى الطبري.
(٥) الكشاف ٤ / ٨٠٥.
(٦) الفخر الرازي ٣٢ / ١٠٧.