الثاني : القلب وهو خلاف الأصل.
الثالث : قلب حرف العلة ألفا وإن لم يتحرك ، وقياسه على تابه وصامه بعيد لشذوذ المقيس عليه ، وقد يجاب عن الثالث بأن الواو متحركة في الأصل قبل القلب ، فإنه بزنة معوون الوجه](١).
والثالث : أن أصله «معونة» والألف عوض عن الهاء.
ووزنه «مفعل» ك «ملوم» ، ووزنه بعد الزياة «ما فعل».
فصل في تفسير الماعون
اختلف المفسرون في «الماعون» ، وأحسنها : أنه كل ما يستعان به ، وينتفع به كالفأس والدلو ، والمقدحة.
قال الأعشى : [المتقارب]
٥٣٢٣ ـ بأجود منه بماعونه |
|
إذا ما سماؤهم لم تغم (٢) |
ولم يذكر المفعول الأول للمنع ، إما للعلم به ، أي : يمنعون النّاس ، أو الطالبين ، وإما لأن الغرض ذكر ما يمنعونه ، تنبيها لخساستهم ، وضنّهم بالأشياء النافعة المستقبح منها عند كل أحد.
فإن قيل : هذه الآية تدلّ على التهديد العظيم بالسّهو عن الصّلاة ، والرياء ، ومنع الماعون ، وذلك من باب الذنوب ، ولا يصير المرء به منافقا ، فلم حكم الله بمثل هذا الوعيد على هذا الفعل؟ فالجواب من وجوه :
الأول : قال ابن الخطيب (٣) : المراد بالمصلين هنا المنافقون الذين يأتون بهذه الأفعال وعلى هذا التقدير : دلّت الآية على أن الكافر له مزيد عقوبة على فعل محظورات الشرع ، وتركه واجبات الشّرع ، وذلك يدل على أنّ الكفار مخاطبون بفروع الإسلام.
الثاني : قيل لعكرمة : من منع شيئا من المتاع كان له الويل؟ فقال : لا ، ولكن من جمع ثلاثتهن فله الويل ، يعني : ترك الصلاة ، وفعل الرياء ، وترك الماعون.
روى الثعلبي عن أبيّ ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) غفر الله له إن كان مؤدّيا للزّكاة» (٤). والله تعالى أعلم.
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) ينظر ديوانه (٢١٧٠) ، والقرطبي ٢٠ / ١٤٥ ، والبحر ٨ / ٥١٥ ، والدر المصون ٦ / ٥٧٦.
(٣) الفخر الرازي ٣٢ / ١٠٧.
(٤) تقدم تخريجه مرارا.