والكوثر : «فوعل» ، من الكثرة ، وصف مبالغة في المفرط الكثرة ، مثل النوفل من النّفل ، والجوهر من الجهر ، والعرب تسمي كل شيء كثيرا في العدد ، والقدر ، والخطر : كوثرا ؛ قال : [الطويل]
٥٣٢٥ ـ وأنت كثير يا ابن مروان طيّب |
|
وكان أبوك ابن العقائل كوثرا (١) |
قيل لعجوز رجع ابنها من السّفر : بم آب ابنك؟.
قالت : آب بكوثر ، أي : بمال كثير.
والكوثر من الغبار الكثير ، وقد تكوثر إذا كثر ؛ وقال الشاعر :
٥٣٢٦ ـ وقد ثار نقع الموت حتّى تكوثرا (٢)
فصل في المراد بالكوثر
اختلفوا في الكوثر الذي أعطيه النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقيل : نهر في الجنة رواه البخاري وغيره (٣).
وروى الترمذي عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الكوثر : نهر في الجنّة ، حافتاه من ذهب ، ومجراه على الدّرّ والياقوت ، تربته أطيب من المسك ، وماؤه أحلى من العسل ، وأبيض من الثّلج» (٤).
وقال عطاء : هو حوض النبي صلىاللهعليهوسلم (٥) في الموقف وفيه أحاديث كثيرة.
وقال عكرمة : الكوثر : النبوة ، والكتاب (٦).
وقال الحسن : هو القرآن (٧). وقال ابن المغيرة : الإسلام.
وقال ابن كيسان : هو الإيثار.
__________________
(١) قائله هو الكميت ، ينظر ديوانه ١ / ٢٧٩ ، والكشاف ٤ / ٨٠٦ ، واللسان (كثر) ، والقرطبي ٢٠ / ١٤٧ ، والبحر ٨ / ٥٢١ ، والدر المصون ٦ / ٥٧٧.
(٢) عجز بيت وصدره :
أبوا أن يبيحوا جارهم لعدوّهم
ينظر ديوان الحماسة للتبريزي ١ / ١٢٥ ، والقرطبي ٢٠ / ١٤٧.
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ٦٠٣) ، كتاب : التفسير ، باب : إنا أعطيناك الكوثر حديث (٤٩٦٥) ، من حديث عائشة.
(٤) أخرجه الترمذي (٣٣٥٨) ، وابن ماجه (٤٣٣٤) ، وأحمد (٢ / ١١٢) ، من حديث ابن عمر.
(٥) ينظر تفسير الماوردي (٦ / ٣٥٤) ، والقرطبي (٢٠ / ١٤٨).
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٧١٨) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٨٨) ، وزاد نسبته إلى هناد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عكرمة.
(٧) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٨٨) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم عن الحسن.