وقول زيد الخيل : [الوافر]
٥٣٢٩ ـ أتاني أنّهم مزقون عرضي |
|
جحاش الكرملين لها قديد (١) |
[فإن كان بمعنى الحال ، والاستقبال ، فإضافته لمفعوله من نصب ، وإن كان بمعنى المضي فهي لا من نصب.
وقيل : يجوز أن يكون مقصورا من فاعل كقولهم : بر وبار ، وبرد وبارد].
فصل في أقوال العلماء في الآية
اختلف المفسرون [في المراد] بقوله تعالى : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) فقيل : هو العاص بن وائل ، وكانت العرب تسمي من له بنون ، وبنات ، ثم مات البنون ، وبقي البنات : أبتر.
فقيل : إن العاص وقف مع النبي صلىاللهعليهوسلم يكلمه ، فقال له جمع من صناديد قريش : مع من كنت واقفا؟ فقال : مع ذلك الأبتر ، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وكان من خديجة ـ رضي الله عنها ـ فأنزل الله تعالى : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) أي : المقطوع ذكره من خير الدنيا ، والآخرة.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : كان أهل الجاهلية ، إذا مات ابن الرجل قالوا : بتر فلان ، فلما توفي إبراهيم ابن النبي صلىاللهعليهوسلم خرج أبو جهل لأصحابه ، فقال : بتر محمد ، فأنزل الله تعالى إن شانئك هو الأبتر يعني أبا جهل.
وقال شهر بن عطية : هو عقبة بن أبي معيط (٢).
وقال السديّ وابن زيد : إن قريشا كانوا يقولون لمن مات له ذكور ولده : قد بتر فلان ، فلما مات لرسول الله صلىاللهعليهوسلم القاسم ب «مكة» ، وإبراهيم ب «المدينة» ، قالوا : بتر محمد ، أي : فليس من يقوم بأمره من بعده ، فنزلت الآية (٣).
وقيل : لما أوحى الله تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم دعا قريشا إلى الإيمان قالوا : انبتر منا محمد أي خالفنا وانقطع عنا ، فأخبر الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم أنهم هم المبتورون قاله عكرمة وشهر بن حوشب.
فصل في المعاني التي احتوتها هذه السورة
قال أهل العلم : قد احتوت هذه السورة على كونها أقصر سورة في القرآن على
__________________
(١) تقدم.
(٢) أخرجه ابن سعد وابن عساكر والزبير بن بكار كما في «الدر المنثور» (٦ / ٦٩٠) ، وينظر تفسير الماوردي (٦ / ٣٥٦).
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٩١) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم عن السدي.