وقيل : معناه يتركون الإيمان بيوم القيامة.
وقيل : نزلت في اليهود فيما كتموه من صفة الرسول صلىاللهعليهوسلم وصحة نبوته ، وحبّهم العاجلة : أخذهم الرّشا على ما كتموه ، وقيل : أراد المنافقين لاستبطانهم الكفر وطلب الدنيا ، والآية تعمّ ، واليوم الثقيل : يوم القيامة ، وسمي ثقيلا لشدائده وأهواله وقيل : للقضاء فيه بين العباد.
قوله تعالى : (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ) أي من طين ، (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) أي : خلقهم. قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة ومقاتل وغيرهم ، والأسر : الخلق.
قال أبو عبيد : يقال : فرس شديد الأسر ، أي : الخلق ، ويقال : أسره الله ، إذا شدد خلقه ؛ قال لبيد : [الرمل]
٥٠٥١ ـ ساهم الوجه شديد أسره |
|
مشرف الحارك محبوك الكتد (١) |
وقال الأخطل : [الكامل]
٥٠٥٢ ـ من كلّ مجتنب شديد أسره |
|
سلس القياد تخاله مختالا (٢) |
وقال أبو هريرة والحسن والربيع رضي الله عنهم : شددنا مفاصلهم (٣).
قال أهل اللغة : الأسر : الرّبط ، ومنه : أسر الرجل ، إذا أوثق بالقيد ، وفرس مأسورة الخلق وفرس مأسورة بالعقب ، والإسار : هو القيد الذي يشد به الأقتاب ، تقول : أسرت القتب أسرا ، أي : شددته وربطته.
فصل في معنى الأسر
قال ابن زيد : الأسر القوة ، والكلام خرج مخرج الامتنان عليهم بالنعم حين قابلوها بالمعصية ، أي : سويت خلقك وأحكمته بالقوى ثم أنت تكفر بي (٤).
قال ابن الخطيب (٥) : وهذا الكلام يوجب عليهم طاعة الله تعالى من حيث الترغيب والترهيب ، أما الترغيب فلأنه هو الذي خلقهم وأعطاهم الأعضاء السليمة التي بها يمكن الانتفاع باللذات العاجلة ، وخلق لهم جميع ما يمكن الانتفاع به ، فإذا أحبوا اللذات العاجلة ، وتلك اللذات لا تحصل إلا بالمنتفع والمنتفع به ، وهما لا يحصلان إلا بتكوين
__________________
(١) يروى الشطر الثاني برواية : مشرف الحال محبوك الكفل.
ينظر ديوان لبيد (١٤٤) ، واللسان (حبك) (حرك) ، والقرطبي ١٩ / ٩٨.
(٢) ينظر ديوان الأخطل ص ٣٨٨ ، والطبري ٢٩ / ١٣٩ ، ومجمع البيان ١٠ / ٦٢٥ ، والقرطبي ١٩ / ٩٨.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٧٥) عن أبي هريرة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٩٠) عن الربيع وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر. وذكره أيضا عن الحسن وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٧٥).
(٥) ينظر الفخر الرازي (٣٠ / ٢٢٨).