المسائل ؛ لأن أصول هذه الدلائل ظاهرة ، بل كانوا جاهلين بالتفاضل ؛ لأنا نقول : إن الدليل لا يقبل الزّيادة والنّقصان ، فإن الدليل إذا كان مركبا من عشر مقدمات ، فمن علم تسعة منها ، وكان في المقدمة العاشرة مقلدا ، كان في النتيجة مقلدا لا محالة.
قوله : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ، بِحَمْدِ رَبِّكَ) حال ، أي : ملتبسا بحمده.
قال ابن الخطيب (١) : إنه ـ تعالى ـ أمره صلىاللهعليهوسلم بالتسبيح ، ثم بالحمد ، ثم بالاستغفار ، والفائدة فيه أن تأخير النصر سنين ، مع أن محمدا صلىاللهعليهوسلم كان على الحقّ ، مما يثقل على القلب ، ويقع في القلب أني إذا كنت على الحق فلم لا ينصرني ، ولو سلطت على هؤلاء الكفار. فلأجل الاعتذار عن هذا الخاطر ، أمر بالتسبيح أما على قولنا : فالمراد من هذا التنزيه ، أنه تعالى منزّه عن أن يستحق عليه أحد شيئا [بل كل ما يفعله فإنما يفعله بحكم المشيئة الإلهية ، فله أن يفعل ما شاء كما يشاء ، ففائدة التسبيح : تنزيه الله تعالى عن أن يستحق عليه أحد شيئا](٢).
وأما على قول المعتزلة ، ففائدة التنزيه : هو أن يعلم العبد أن تنزيه الله تعالى عما لا يليق ولا ينبغي بسبب المصلحة ، لا بسبب ترجيح الباطل على الحق ، ثم إذا فرغ العبد من تنزيه الله ، فحينئذ يشتغل بحمده على ما أعطاه من الإحسان ، والبر ، ثم حينئذ بالاستغفار لذنوب نفسه.
فصل في معنى الآية
قال المفسرون : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ) أي : إذا صليت ، فأكثر من ذلك.
وقيل : معنى «سبّح» : صلّ ، قاله ابن عبّاس رضي الله عنهما (٣).
[وقوله : (بِحَمْدِ رَبِّكَ) حامدا له على ما آتاك من الظفر ، والفتح ، واستغفره أي : سلوا الله الغفران.
وقيل : فسبح أي : المراد به التنزيه ، أي : نزهه عما لا يجوز عليه ، مع شكرك له ، وبالاستغفار ، ومداومة الذكر].
وروي في «الصحيحين» عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ما صلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم صلاة بعد أن نزلت سورة (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) إلا يقول فيها : سبحانك اللهمّ وبحمدك اللهمّ اغفر لي (٤).
وقالت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ : كان النبي صلىاللهعليهوسلم آخر أمره (٥) لا يقوم ، ولا يقعد ،
__________________
(١) الفخر الرازي ٣٢ / ١٤٦.
(٢) سقط من : أ.
(٣) ينظر تفسير القرطبي (٢٠ / ١٥٨).
(٤) أخرجه البخاري (٨ / ٦٠٥) ، كتاب التفسير ، باب : إذا جاء نصر الله والفتح حديث (٤٩٦٨).
(٥) في أ : عمره.