فصل في أن الله خلق الخير والشر
هذه السورة دالة على أن الله خلق كل شر ، وأمر نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يتعوذ من جميع الشرور ، فقال ـ عزوجل ـ : (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) وذلك خاتمة ذلك الحسد تنبيها على عظمته ، وكثرة ضرره ، والحاسد عدو نعمة الله تعالى.
قال بعض الحكماء : الحاسد بارز ربّه من خمسة أوجه :
أحدها : أنه أبغض كل نعمة ظهرت على غيره.
وثانيها : أنه ساخط لقسمة ربه ، كأنه يقول : لم قسمت إلي هذه القسمة.
وثالثها : أنه ضاد الله ، أي : أن فضل الله يؤتيه من يشاء ، وهو يبخل بفضل الله.
ورابعها : أنه خذل أولياء الله ، أو يريد خذلانهم ، وزوال النعمة عنهم.
وخامسها : أنه أعان عدوه إبليس.
وقيل : الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة ، ولا ينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضاء ، ولا ينال في الخلوة إلا جزعا ، وغمّا ، ولا ينال في الآخرة إلا حزنا ، واحتراقا ، ولا ينال من الله إلا بعدا ومقتا.
وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاثة لا يستجاب دعاؤهم : آكل الحرام ، ومكثر الغيبة ، ومن كان في قلبه غلّ أو حسد للمسلمين» (١).
روى [الثعلبي عن أبيّ](٢) ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ المعوذتين فكأنما قرأ الكتب التي أنزلها الله تعالى كلها». وعن عقبة بن عامر أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال : «ألا أخبرك بأفضل ما تعوّذ به المتعوّذون؟» قلت : بلى يا رسول الله ، قال : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)(٣). والله أعلم.
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ١٧٧).
(٢) في ب : عقبة بن عامر.
(٣) تقدم تخريجه.