قال ذو الرمة : [البسيط]
٥٣٧٢ ـ فبات يشئزه ثأد ويسهره |
|
تذؤّب الرّيح والوسواس والهضب (١) |
وقال الأعشى : [البسيط]
٥٣٧٣ ـ تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت |
|
كما استعان بريح عشرق زجل (٢) |
قوله : «الخنّاس» أي : الرجّاع ؛ لأنه إذا ذكر الله ـ تعالى ـ خنس ، وهو مثال مبالغة من الخنوس.
يقال : خنس أي تأخر ، يقال : خنسته فخنس ، أي أخرته فتأخر ، وأخنسته أيضا. وتقدم الكلام على هذه المادة في سورة : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ).
(الَّذِي يُوَسْوِسُ) : يجوز جره نعتا وبدلا [وبيانا لجريانه مجرى] الجوامد ، ونصبه ورفعه على القطع.
قال القرطبي (٣) : «ووصف بالخناس ؛ لأنه كثير الاختفاء ، ومنه قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) [التكوير : ١٥] يعني النجوم لاختفائها بعد ظهورها».
فصل في الكلام على الشيطان
قال مقاتل : إن الشيطان في سورة خنزير ، يجري من ابن آدم مجرى الدم في عروقه ، سلّطه الله على ذلك ، فذلك قوله تعالى : (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)(٤) ، وقالصلىاللهعليهوسلم : «إنّ الشّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم» (٥) رواه البخاري ومسلم.
قال القرطبي (٦) : «ووسوسته : هو الدعاء إلى طاعته ، حتى يصل به إلى القلب ، من غير صوت».
قوله : (مِنَ الْجِنَّةِ). فيه أوجه :
أحدها : أنه بدل من «شرّ» بإعادة العامل ، أي : من شر الجنة.
الثاني : أنه بدل من ذي الوسواس ؛ لأن الموسوس من الجن والإنس.
الثالث : أنه حال من الضمير في «يوسوس» حال كونه من هذين الجنسين.
الرابع : أنه بدل من «النّاس» وجعل «من» تبيينا ، وأطلق على الجن اسم النّاس ؛
__________________
(١) ينظر ديوانه ١٤٤ ، واللسان (دسس) ، والقرطبي ٢٠ / ١٧٨.
(٢) ينظر الديوان ص ١٤٤ ، واللسان (عشرق) ، ومجمع البيان ١٠ / ٨٦٨ ، والقرطبي ٢٠ / ١٧٩.
(٣) القرطبي : ٢٠ / ١٧٩.
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ١٧٩ ـ ١٨٠) ، عن مقاتل.
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) ينظر الجامع لأحكام القرآن (٢٠ / ١٧٩).