الكلام إلى المخاطب. وروى عنه المهدوي أيضا : فتح القاف ، أي : يلقيه من قبل الله تعالى ، كقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) [النمل : ٦].
قوله : (عُذْراً أَوْ نُذْراً). فيهما أوجه :
أحدها : أنهما بدلان من «ذكرا».
الثاني : أنهما منصوبان به على المفعولية ، وإعمال المصدر المنون جائز ، ومنه (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) [البلد : ١٤ ، ١٥].
الثالث : أنهما مفعولان من أجلهما ، والعامل فيهما ، إما «الملقيات» ، وإما «ذكرا» ؛ لأن كلّا منهما يصلح أن يكون معلولا (١) بأحدهما.
وحينئذ يجوز في «عذرا ، ونذرا» وجهان :
أحدهما : أن يكونا مصدرين ـ بسكون العين ـ كالشّكر والكفر.
والثاني : أن يكونا جمع عذير ، ونذير ، المراد بهما المصدر ، بمعنى الإعذار والإنذار ، كالنكير بمعنى الإنكار.
الثالث (٢) : أنهما منصوبان على الحال من «الملقيات» أو من الضمير فيها ، وحينئذ يجوز أن يكونا مصدرين واقعين موقع الحال ، بالتأويل المعروف في أمثاله ، وأن يكونا جمع «عذير ونذير» مرادا بهما المصدر ، أو مرادا بهما اسم الفاعل بمعنى المعذر والمنذر ، أي : معذرين ، أو منذرين.
وقرأ العامة : بسكون الذّال من (عُذْراً أَوْ نُذْراً).
وقرأ زيد (٣) بن ثابت ، وابن خارجة ، وطلحة : بضمها.
والحرميّان ، وابن عامر ، وأبو بكر (٤) : بسكونها في «عذرا» وضمها في «نذرا» ، والسكون والضم ـ كما تقدم ـ في أنه يجوز أن يكون كل منهما أصلا للآخر ، وأن يكونا أصلين ، ويجوز في كل من المثقّل والمخفّف أن يكون مصدرا ، وأن يكون جمعا سكنت عينه تخفيفا.
وقرأ إبراهيم التيمي (٥) : «عذرا ونذرا» بواو العطف موضع «أو» ، وهي تدل على أن «أو» بمعنى الواو.
__________________
(١) في أ : مفعولا.
(٢) في أ : الرابع.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤١٧ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٩٦ ، والدر المصون ٦ / ٤٥٤.
(٤) ينظر : السبعة ٦٦٦ ، والحجة ٦ / ٣٦٢ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٢٦ ، وحجة القراءات ٧٤٢.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤١٧ ، والدر المصون ٦ / ٤٥٤.