وفي مسلم : سيحان وجيحان ، والنيل ، والفرات ، كل من أنهار الجنة (١).
قوله تعالى : (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)(٣٤)
قوله تعالى : (انْطَلِقُوا). أي : يقال لهم ذلك.
والعامة : على «انطلقوا» الثاني كالأول بصيغة الأمر على التأكيد وروى رويس عن يعقوب (٢) : «انطلقوا» ـ بفتح اللام ـ فعلا ماضيا على الخبر ، أي : لمّا أمروا امتثلوا ذلك ، وهذا موضع الفاء ، فكان ينبغي أن يكون التركيب فانطلقوا ، نحو قولك : قلت له : اذهب فذهب ، وعدم الفاء هنا ليس بواضح.
فصل في كيفية عذاب الكفار في الآخرة
هذا هو النّوع الخامس من تخويف الكفّار ، وهو بيان كيفية عذابهم في الآخرة والمعنى : يقال لهم : انطلقوا إلى ما كذبتم به من العذاب ، يعني النار ، فقد شاهدتموها عيانا.
(انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) أي : دخان ذي ثلاث شعب ، يعني الدخان الذي يرتفع ، ثم يتشعب إلى ثلاث شعب ، وكذلك بيان دخان جهنم العظيم إذا ارتفع تشعب.
قال أبو مسلم : ويحتمل في ثلاث شعب ما ذكره بعد ذلك ، وهو انه غير ظليل ، وأنه لا يغنى من اللهب ، وبأنه يرمي بشرر ، ثم وصف الظليل ، فقال :
(لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) أي : لا يدفع من لهب جهنم شيئا ، أي : ليس كالظلّ الذي يقي حرّ الشمس ، وهذا تهكّم بهم ، وتعريض بأن ظلّهم غير ظلّ المؤمنين ، وأنه لا يمنع حرّ الشمس.
واللهب ما يعلو على النار إذا اضطرمت من أحمر ، وأصفر ، وأخضر.
وقيل : إن الشعب الثلاث من الضّريع ، والزّقّوم ، والغسلين ؛ قاله الضحاك.
وقيل : اللهب ثم الشرر ثمّ الدخان ، لأنها ثلاثة أحوال هي غاية أوصاف النار إذا اضطرمت واشتدت.
وقيل : عنق يخرج من النار فيتشعب ثلاث شعب ، فأما النور فيقف على رءوس
__________________
(١) أخرجه مسلم (٤ / ٢١٨٣) كتاب الجنة : باب ما في الدنيا من أنهار الجنة حديث (٢٦ / ٢٨٣٩) من حديث أبي هريرة.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤١٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٩٧ ، والدر المصون ٦ / ٤٥٧.