(جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ).
قال ابن عباس : جمع الذين كذبوا محمدا صلىاللهعليهوسلم والذين كذبوا النبيين من قبله.
(فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) أي : حيلة في الخلاص من العذاب «فكيدون» أي : فاحتالوا لأنفسكم وفاء ، ولن تجدوا ذلك (١).
وقيل : فإن كان لكم كيد أي إن قدرتم على حرب «فكيدون» أي : حاربوني رواه الضحاك عن ابن عباس أيضا ، قال : يريد كنتم في الدنيا تحاربون محمدا وتحاربوني ، فاليوم حاربوني.
وقيل : إنكم كنتم في الدنيا تعملون المعاصي ، وقد عجزتم الآن عنها ، وعن الدفع عن أنفسكم.
وقيل : إنه من قول النبي صلىاللهعليهوسلم فيكون كقول هود ـ عليه الصلاة والسلام ـ : (فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) [هود : ٥٥].
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (٥٠)
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ).
قال مقاتل والكلبي : المراد (٢) بالمتقين : الذين يتقون الشرك بالله تعالى ؛ لأن السورة من أولها إلى آخرها في تقريع الكفار على كفرهم وتخويفهم (٣).
قال ابن الخطيب (٤) : فيجب أن تكون هذه الآية مذكورة لهذا الغرض ، وإلا لتفككت السورة في نظمها وترتيبها ، وإنما يتم النظم بأن يكون الوعد للمؤمنين بسبب إيمانهم ، فأما من جعله بسبب الطاعة فلا يليق بالنظم ، وأيضا فإن المتقي للشرك يصدق عليه أنه متّق ؛ لأن غاية هذا أنه عام مخصوص ، فتبقى حجّة فيما عدا محل التخصيص ، وأيضا فأن يحمل اللفظ على المعنى الكامل أولى وأكمل أنواع التقوى تقوى الشرك ، فالحمل عليه أولى.
__________________
(١) ينظر تفسير القرطبي (١٩ / ١٠٨) عن الحسن.
(٢) في أ : أراد.
(٣) ذكره الرازي في «تفسيره» (٣٠ / ٢٤٨) عن مقاتل والكلبي.
(٤) الفخر الرازي ٣٠ / ٢٤٩.