الأجواد ، فبذروا واردات الدولة في مآربهم وأغراضهم وشهواتهم وملذاتهم ، وما يكسبهم شهرة وصيتا ، عدا موائدهم العامرة بأنواع الأشربة والأطعمة ، يضاف اليها أندية الخمرة والطرب.
واذا عدنا الي الرشيد رأيناه مولعا بالخمر ، ويدعو خواص جواريه اذا أراد أن يشرب ، وربما تولي السقاية بنفسه (١).
وقد ذكر السيوطي عن الذهبي أن الرشيد كان صاحب أخبار وحكايات في اللهو واللذات المحظورة والغناء (٢).
وللتأريخ والحقيقة المرة ، فان الرشيد لم يكن ذا حراجة في دين ، ولا أثر من تقوي لديه ، وانما هو الرياء المقنع بالدجل السياسي ، فقد أخرج السلفي في الطيوريات بسنده عن ابن المبارك ، قال :
«لما أفضت الخلافة الي الرشيد ، وقعت في نفسه جارية من جواري المهدي. فراودها عن نفسها ، فقالت : لا أصلح لك؛ ان أباك قد طاف بي. فشغف بها ، فأرسل الي أبييوسف فسأله : أعندك في هذا شيء؟
فقال : يا أميرالمؤمنين؛ أو كلما ادعت أمه شيئا ينبغي أن تصدق؛ لا تصدقها فانها ليست بمأمونة».
قال ابن المبارك : «فلم أدر ممن أعجب : من هذا الذي قد وضع يده في دماء المسلمين وأموالهم يتحرج عن حرمة أبيه؟
أو من هذه الأمة التي رغبت بنفسها عن أميرالمؤمنين!!
أو من هذا فقيه الأرض وقاضيها ، قال : اهتك حرمة أبيك ، واقض شهوتك ، وصيره في رقبتي» (٣).
هذه صورة اجمالية عجلي من صور هارون الرشيد في البذخ والاسراف ،
__________________
(١) الأصبهاني / الأغاني ٥ / ١٢٦.
(٢) السيوطي / تأريخ الخلفاء / ١٨٩ ـ ١٩٠.
(٣) السيوطي / تأريخ الخلفاء / ١٩٣.