وكان الطالبيون قد استتروا عن الرشيد حذر القتل وغياهب السجون ، وذلك عقب العنف الثوري الذي صارع الحكم ، وكانت رده فعل الرشيد قاسية في اجراءات نفذت فيها الأحكام العرفية بأبشع صورها ، وكنموذج عليها ما رواه عبيدالله البزاز النيسابوري ، قال : «كان بيني وبين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة ، فرحلت اليه في بعض الأيام ، فبلغه خبر قدومي فاستحضرني للوقت ... وذلك في شهر رمضان وقت صلاة الظهر ، فلما دخلت عليه ... أحضرت المائدة ، وذهب عني أني صائم وأني في شهر رمضان ، ثم ذكرت فأمسكت ، فقال لي حميد : ما لك لا تأكل؟ فقلت : أيها الأمير هذا شهر رمضان ولست بمريض ، ولا بي علة توجب الافطار ، ولعل الأمير له عذر في ذلك ... فقال : ما بي علة توجب الافطار ، واني لصحيح البدن ثم دمعت عيناه وبكي!!
فقلت له : ما يبكيك أيها الأمير؟
فقال : «أنفذ الي هارون الرشيد ... أن خذ هذا السيف وامتثل ما يأمرك به الخادم!! فتناول الخادم السيف وناولنيه ، وجاء بي الي بيت بابه مغلق ففتحه ، فاذا فيه بئر في وسطه وثلاثة بيوت أبوابها مغلقة ، ففتح باب بيت منها ، فاذا فيه عشرون عليهم الشعور والذوائب ، شيوخ وكهول وشبان مقيدون. فقال لي : ان أميرالمؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء ، وكانوا كلهم من العلوية من ولد علي وفاطمة ، فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد ، فأضرب عنقه حتي أتيت علي آخرهم ، ثم رمي أجسادهم ورؤوسهم في تلك البئر. (صفحه ١٦٨) ثم فتح باب بيت آخر ، فاذا فيه عشرون نفسا من العلوية من ولد علي وفاطمة مقيدون. فقال لي : ان أميرالمؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء ، فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد ، فأضرب عنقه ، ويرمي به في تلك البئر حتي أتيت علي آخرهم. ثم فتح باب البيت الثالث ، فاذا به مثلهم عشرون نفسا