وفوق هذا كله فطالما روع الحكم الآمنين ، وطالما سفكت الدماء المحرمة بغير الحق ، وكان الاستهتار بالقيم والتجاوز علي المباديء المقدسة أمرا متعارفا حتي عاد المعروف منكرا والمنكر معروفا!! كيف لا .. وقصور الخلفاء تعج بالفسق ومعاقرة الخمرة ، والبغاء العلني والسري يستشري ولا مانع ولا رادع ولا وازع ، وقد تقدم فيها سبق نهب الأموال واغتصاب الثروات والتلاعب بمقدرات الأمة ، بلي كانت هناك شعارات يتشدق بها الحاكمون مجاراة للناس من جهة ، وتثبيتا لدعائم الحكم من جهة أخري ، وهدف ذلك واضح للناقد البصير ، وهو يتمثل باضفاء شيء من الشرعية جزافا علي ذلك الكيان المدعي ، وما عدا هذا الملحظ علي ضالته ، فاننا لا نري صيغة حقيقية لادعاء الولاية في الدين لأولئك الذين لا يمثلون الدين لا من قريب ولا من بعيد في نظامهم السياسي القائم علي الانحلال الخلقي والتخلي عن القيم الاسلامية علي كل الأصعدة.
يقول الأستاذ محمدحسن آلياسين :
«وكذلك اتضحت بما لا مجال فيه بشك أو تردد أيضا حقيقة أولئك المدعين للولاية الشرعية ، فراغا من مواصفات التأهيل ، وخلوا مما يجب أن يكونوا عليه من كفايات الاستحقاق. فلم يكن لديهم فقه بالشريعة وأحكامها ، ولا علم بمعاني القرآن والحديث ، ولا ورع يردعهم عن محارم الله ، ولا التزام يصدهم عن متابعة الهوي واطاعة شهوات النفس الأمارة بالسوء» (١).
وهنا تتجلي الفروق المميزة بين هذا الفراغ العقائدي الهائل ، وبين تلك القدرات العلمية الرائدة ، وظواهر الانابة والخشوع عند الامام موي بن جعفر (عليهالسلام) بما يحقق ولايته الشرعية دون أولئك المتلاعبين بمثل القرآن ،
__________________
(١) محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ٥٤.