(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً.) وليلاحظ الشبه بين آية البقرة وبداية سورة النساء. والمائدة بعد ذلك تقابل في سورة البقرة : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ....) ونلاحظ أن سورة المائدة مبدوءة ب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ). والأنعام بعد ذلك تقابل في سورة البقرة : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ....) ويلاحظ أن سورة الأنعام مبدوءة بقوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ...) والأعراف بعد ذلك تقابل في سورة البقرة : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.) ويلاحظ أن سورة الأعراف مبدوءة بقوله تعالى : (المص* كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ* اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ....) والأنفال وبراءة ـ وهما في موضوع واحد ـ يقابلان في سورة البقرة قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ ....) بعد آية فرضية القتال ، ويلاحظ أن سورة الأنفال مبدوءة بقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ....) ثم يكون مضمون سورتي الأنفال وبراءة في معاني القتال.
فأنت تلاحظ ملاحظة أولية ـ ستتضح لك فيما بعد ـ أن هذه المجموعة تلقي أضواء على آيات في سورة البقرة بنفس الترتيب الموجود في سورة البقرة ، ومن ثم ندرك بعضا من حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن سورة البقرة : «إن كادت لتستحصي الدين كله» وندرك سرا من أسرار الإعجاز في هذا القرآن العظيم. وسيتضح لنا من خلال تفسير بقية السبع الطوال هذا المعنى بشكل أعمق.
على أن هذا التفسير وإن كان يركز على موضوع الوحدة القرآنية ، والسياق القرآني العام ، فهو كذلك يركز على وحدة السورة ، وعلى إبراز سياقها الخاص ، بل إن هذه النظرية التي اعتمدناها في موضوع الوحدة القرآنية ، أعطت السياق الخاص لكل سورة آفاقا جديدة.
إن لهذا القرآن ملامح عامة مشتركة ، وله وحدته وترتيبه ، ثم إن لكل سورة من سوره ملامحها الخاصة بها ، وسياقها الخاص بها ، وقد عبر صاحب الظلال عن