واعلم أن إطلاق نفي الإحرام وجوازه في الخبرين يعمّ الإحرام للعمرة المفردة ، وعليه فلا يباح له دخول مكة حتى يحرم من الميقات ، كما حكي التصريح به عن بعض الأصحاب (١).
وردّ بأنه ليس بجيّد ولا موافق لكلام الأصحاب ، فإنهم إنما صرّحوا ببطلان الحج أو وجوب إعادته ، إلاّ الفاضل في القواعد والإرشاد (٢) ، والماتن في الشرائع (٣) ، ففي كلامهما : لا يصح له الإحرام إلاّ من الميقات ، والشهيد في الدروس ففيه بطلان النسك (٤) ، واللمعة ففيها بطلان الإحرام (٥) ، والكل يحتمل ما صرّح به غيرهم ، أي من أن المراد بطلان الحج خاصة ، لا العمرة المفردة ، فإن أدنى الحلّ ميقات اختياري لها ، غاية الأمر إثمه بتركه مما مرّ عليه من المواقيت.
( ويحرم من موضعه ) أينما كان إذا كان لم يدخل الحرم ( إن كان ناسياً أو جاهلاً أو لا يريد النسك ) ويندرج فيه من لا يكون قاصداً دخول مكة عند مروره على الميقات ثم تجدّد له قصده ، ومن لا يجب عليه الإحرام لدخولها ، كالمتكرر ، ومن دخلها لقتال إذا لم يكن مريداً للنسك ثم تجدّد له إرادته.
أما من مرّ على الميقات قاصداً دخول مكة وكان ممن يلزمه الإحرام لدخولها لكنه لم يرد النسك فهو في معنى متعمد ترك الإحرام ، بل أولى.
( ولو دخل ) أحد هؤلاء ( مكة ) أو الحرم ( خرج إلى الميقات ) مع الإمكان وأحرم منه كما مرّ ( ومع التعذر ) فـ ( من أدنى الحلّ ، ومع
__________________
(١) حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٣٠٩.
(٢) القواعد ١ : ٧٩ ، الإرشاد ١ : ٣١٤.
(٣) الشرائع ١ : ٢٤٢.
(٤) الدروس ١ : ٣٤١.
(٥) اللمعة ( الروضة البهية ٢ ) : ٢٢٣.