من الأبازير وهي للمسلمين ، وهنالك تعلمت نقرأ. قلت له : وهل في تلك الجزر مسلمون؟ قال : فيها : وفي كل جزيرة سلطان مسلم ، وفي بعض الجزر سلطانان.
فاستغربت ذلك ، وحلف بدينه وما يعبد أن في تلك الجزر أكثر من عشرة آلاف جزيرة للمسلمين. فتوقفت في الأمر ثم قلت : ثلاثة مسائل تدل على صدقه : الأولى أنه كان يقرأ ويكتب بالعربية ، ويحتاج إلى ذلك سنين وليس بفلنضس إلا الذي سنذكره يقرأ بالعربية ، وهما رجلان فقط. الثانية أنه كان رسولا ، والملوك لا تبعث من هو سفيه برسالة. رجلان فقط. الثالثة : أنه نصراني عدو في الدين ، وليس من عادة النصارى تعظيم المسلمين ، وإذا شهد لك عدوك بما تحب ، فيقضى لك بالغلب ، وإذا قلنا هذا زاد كثيرا ، فنأخذ العشر مما قال ويبقى من الحساب ألف جزيرة ، كل واحدة بسلطان مسلم. وقرأت في بعض كتب النصارى أن جزر الهنود المشرقية هي أكثر من ألف وثلاثمائة جزيرة. وقد طالعت كتابا عجميا لبدر طشابر ، نصراني ، وذكر فيه أنه ركب البحر ببلاد برتغال من بلاد الأندلس ، ومشى إلى الهنود المغربية ، ثم مشى في بلادها إلى أن قطعها برا ، ثم ركب المحيط ، ومشى فيه مغربا زمنا في البحر بين الجزر المشرقية إلى أن خرج بقرب بغداد ، وجاء في البر من بلاد المسلمين إلى بحر الروم ، أظن أنه ذكر إلى حلب ، وركب في البحر ومشى إلى بلاد النصارى ، وكل سفره برا وبحرا إلى أن دار بالدنيا دائرة كاملة. وكان رجلا حكيما ، وكتب ما رأى. ومن جملة ما ذكر في كتابه أن في جزيرة كبيرة من جزر المشرق ، دخل الإسلام فيها قبل هذا العهد بنحو المائة وثلاثين سنة ، والجزيرة تسمى بجاوش ، وصاروا مسلمين. وكانوا قبل ذلك يأكلون لحم آدم ، والحمد لله الذي أعطانا وأشرحنا بعمارة أكثر الدنيا أنها للمسلمين ، وأنهم الذين لا يتبدل ملكهم إلى تمام الدنيا ، وليس هذا من العجب في أخذ تلك الجزر الكثيرة من أيدي الكفار لأن المسلمين مأمورون بالجهاد للكفار والمشركين ، قوله تعالى : (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)(١٢٥) فالمسلمون منصورون بالله بالجهاد للكفار وبتركه يبتليهم الله فيما
__________________
(١٢٥) سورة التحريم ، الآية ٩.