تلامذه سألوا سيدنا عيسى عليهالسلام قال متى في الباب الرابع وعشرين : «قال سيدنا عيسى : فأما ذلك اليوم والساعة لا يعرفها أحد ، ولا الملائكة السموات ، إلا الأب وحده». وهذا إقرار من سيدنا عيسى عليهالسلام أن الملائكة أعلم منه. وقال مركش في الباب الثالث عشر ، والمقالة اثنان وثلاثون : «سأل مركش ، وبدرس ، ويعقوب ، وجواز ، واندرس سيدنا عيسى في جبل الزيتون في خفاء من الناس عن الساعة متى تكون؟ قال : فأما ذلك اليوم ، وتلك الساعة لا يعرفها أحد ، والملائكة التي في السماء ، ولا الابن إلا الأب وحده». وهذا برهان الذي قلت للراهب أن سيدنا عيسى عليهالسلام ليس بإله كما شهد على نفسه أن الملائكة أعلم منه. حيث قال : ولا الملائكة على وجه المبالغة ، وأيضا في الإنجيل ما ينسب لما قلت للراهب أن سيدنا عيسى عليهالسلام إنسان ، وليس بإله ، قال في الفصل السابع والستين لمتى أن سيدنا عيسى عليهالسلام كان راجعا إلى المدينة فجاع ونظر شجرة تين على الطريق ، فجاء إليها ، فلم يجد فيها شيئا إلا ورقا ، فقال لها : لا تخرج منك ثمرة إلى الأبد ، فيبست تلك الشجرة للوقت. فلو كان إلها ـ كما تعتقد الكفار أنه إنسان وإله ـ فلو كان إلها لعلم من موضعه أن الكرمة ليس فيها تين ، أليس هذا برهان أنه إنسان مقهور ، يجهل الغيب ، ولا يبصر إلا الظاهر فقط؟ وأيضا في الإنجيل أنه كان يسأل عن قبر لعازر حتى حملوه إليه.
وأما ذكر البارقليط فهو فيما كتب يوحنا في الفصل الثالث والثلاثين ، وخمس وثلاثين ، قال : «فإذا جاء روح الحق ذاك ، فهو يعلمكم جميع الحق ، لأنه ليس ينطق من عنده ، بل يتكلم بكل ما يسمع ، ويخبركم بما يأتي ، وهو يمجدني لأنه يأخذ مما هو لي ، ويخبركم». وقد سألت الراهب : ما معنى البارقليط؟ قال : هو اسم يوناني ، ومعناه الشفيع بالعربية. فهذا هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لأنه لم يتكلم من ذاته ، بل يتكلم في أمور الدين بكل ما يسمع من الوحي من عند الله تعالى. وأما معنى ما قال سيدنا عيسى عليهالسلام للحواريين : «يعلمكم جميع الحق ، ويخبركم» ، فتقول النصارى : إنه جاء إليهم. وبذلك قال لي قسيس بمدينة بريش حين قلت له إن البارقليط شخص يتكلم وإنه نبينا صلىاللهعليهوسلم ، والصحيح أن سيدنا عيسى عليهالسلام كان يتكلم مع المؤمنين ، وليس الكلام معهم فقط ، لأنه قال لهم ما يكون في آخر الزمان ، بقوله :