الإسكندر أحمد الفيلسوفي الدربن وني (٢٠٧) ـ في تأليفه في الرد على النصارى ـ : «كلام الله لا ينحصر صدقه على عيسى عليهالسلام فقط ، بل يصدق على كثير ، وهو موافق بآية كريمة : (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ»)(٢٠٨). وليس كلام الله عين ذاته الله ، إذ الكلام غير المتكلم ، لأنه شبيه الكلام بالبذر ، والمتكلم بالحراث.
فإذن لو كان عيسى عليهالسلام إلها على تقدير كونه كلام الله لزم أن يكون كلما صدق عليه أنه كلام الله أيضا إلها ، فحينئذ لزم إلهات متعددة ، فاللازم باطل بالبداهة ، والملزوم مثله. وهو موافق بآية كريمة : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(٢٠٩) ، انتهى.
وقال لي بمراكش شيخنا ، الخير الإمام ، الفقيه ، سيدي أحمد ابن الحاج أحمد التواتي أن فقيها من المسلمين كان أسيرا عند كافر نصراني يقرأ بالعربية ، وقال للمسلم : عندكم في القرآن أن عيسى هو روح من الله ، وأتى بآية قال : (وَرُوحٌ مِنْهُ)(٢١٠) ، وعزم أنه ينتقم من المسلمين إذا لم يأت بحجة تفكه من يده. قال الفقيه إن شاء الله بالقرآن ننجو منه. فتوضأ ، وقرأ من أوله إلى أن قال : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ)(٢١١) ، ففرح بذلك ، وقال للكافر : اسمع قول الله تعالى في القرآن العزيز ، وقرأ الآية ، وقال : هذه الآية مثل الذي قال الله تعالى : (وَرُوحٌ مِنْهُ). فكما خلق السموات والأرض ، خلق سيدنا عيسى. ولما رأى النصارى الحق ترك المسلم مما عزم عليه. ولو ذكر له قوله تعالى : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)(٢١٢) وكذلك (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)(٢١٣) ، فكان ينجوا من
__________________
(٢٠٧) لم نقف له على ترجمة.
(٢٠٨) سورة غافر ، الآية ١٥.
(٢٠٩) سورة الأنبياء ، الآية ٣.
(٢١٠) سورة النساء ، الآية ١٧١.
(٢١١) سورة الجاثية ، الآية ١٣.
(٢١٢) الحجر : ٢٩.
(٢١٣) المجادلة : ٢٢. وفي المخطوط : أيده بدل أيدهم.