المشرقي مدينة البحر فكنت قد أظهرت نسخة من الرق المذكور لمولاي أحمد سلطان مراكش ـ رحمهالله ـ. قال واحد من قواده : لو كنت تبدل (القاف) (بفاء) ، ليقول إن مدينة البحر يملكها الشريف ، فيفرح بذلك السطان. قلت : لا أبدل شيئا ـ إن شاء الله ـ.
تنبيه : هذا الرق القديم كان من زمان سيدنا عيسى عليهالسلام أو قريبا منه جدا ، لأن سسليوه الذي كتبه ووضعه في الصومعة خوفا من السلطان نيرون كما قال هو فيه ، لأنه كان يقتل النصارى ، فوجدت تاريخ توليه للملك في سنة عشرين بعد سيدنا عيسى عليهالسلام وأيضا كان كاتبا سسليوه هو وأخوه للكتب التي ظهرت تحت الأرض ، والحروف العربية التي كانت في ذلك الزمان حسبما كانت في الرق. فحرف القاف كان بنقطتين ، وهذا برهان أن المشارقة في ذلك هم على العهد القديم بخلاف المغاربة إذ لا يجعلون القاف إلا نقطة واحدة. ومدينة البحر المذكورة رجوت ـ الله تعالى ـ أن تكون البندقية أو مالطة لأنها في البحر ، وليس على المسلمين أضر منها. وقال لي الحاج يوسف الحكيم الأندلسي أن نهاية المسلمين الذين هم فيها أسارى خمسة آلاف وخمسمائة ، ومنهم خمسون أندلسيا والباقي ترك وأولاد عرب.
وكان في الرق أيضا يقول : من القبلة يخرج الحاكم العدل ولا يعود ؛ انتهى.
انظر هل يدل على النبي صلىاللهعليهوسلم ، لأنه بعد افتتاح مكة المشرفة وهي القبلة ، فبعد حجة الوداع خرج منها ولا عاد إليها.
وأما الكتب التي وجدت في الغار في خندق الجنة فكانت اثنين وعشرين كتابا ، والورق كما قلنا من الأسرب (٥١) ، ونادى القسيس الكبير الصياغ والمذوبين لعلهم يصنعون مثلها فلم يقدروا على ذلك بوجه ولا بحال ولا تدبير ، وعلموا بذلك أن الرصاص مزج معه معدن آخر ولا عرفوه ، وفي واحد من الكتب منها كتاب الحكم للصالحة مريم ، كما نقل من نسخة الفقيه الاكيحل المترجم الأندلسي ـ رحمهالله ـ ، وأيضا ذكر الكلام بنفسه قايد بمدينة مراكش يسمى بفارس ابن العلج ، وكان من أهل الدين ، وكان عنده الكلام محفوظا ومكتوبا.
__________________
(٥١) كتب في الطرة : أعني رصاص.