السماء واللطف لئلا يهلك دانيال وأصحابه وعلماء بغداد. حينئذ أوحى الله المسألة لدنيال (١١٧) برؤيا في الليل ، وشكر على ذلك ، وقال البركة في اسم الله تعالى في كل قرن وزمن له هي الحكمة والقوة ، وهو الذي يبدل الأزمنة ، ويزيل الشدائد ويضعها ، يؤتي الحكمة للحكماء ، والعلم للإفهام ، وهو يوحي ما كان مستورا ومكنونا ، يعلم (١١٨) ويميز ما كان في الظلمات والنور ، وما في هما إليك. يا إله آبائي أشهد وأشكرك ، إنك أعطيتني علما وأعلمتني ما طلبنا منك وبينت لي أمر السلطان ، ثم كلم وزير السلطان الذي كان له الأمر على قتل علماء بغداد ، وقال له : لا تقتل العلماء ، وادخلني بحضرة السلطان ، وأنا أبين له ما طلب ، فالتقى به ، وقال السلطان بدانيال ـ وكان اسمه بلتشر ـ : تقدر تبين لي الرؤيا وتفسرها؟ قال دانيال للسلطان : الأمر الذي سألت عنه لا يقدر على إظهار علماء ، ولا منجمون ، ولا سحرة ولا كهان ، ولكن في السماء إله السماء إله واحد الذي يوحي الأسرار ، وهو يعلم السلطان بخت نصر ما يحدث ، وما يكون بعد أيام وأزمنة ، وما رأيت في فراشك هو هذا.
فأنت يا سلطان في فراشك كان في (١١٩) فكرك لتعلم ماذا يكون فيما يأتي والذي يوحي الأسرار والعجايب أظهر لك الذي يكون. أما أنا فأظهر لي هذا السر وليس ذلك من أجل العلم الذي عندي أنه (١٢٠) أكثر من العباد ، ولكن ، لنظهر تفسيره للسلطان ، ولنعرف ما كان في فكرك وقلبك وأنت يا سلطان رأيت صنما عظيما جدا وكان له مجد وهو واقف أمامك ، وبصره قوي. أما رأس الصنم فكان من ذهب خالص ، وصدره وعضداه من فضة ، وبطنه وفخذاه من معدن ، (١٢١) ورجلاه من حديد ، وقدماه بعضها من حديد وبعضها من فخار ، وأنت تنظره ، ورأيت حجرة قطعت بغير أيادي ، وضربت الصنم في قدميه من الحديد ، والفخار طحنتها غبرة الحديد ، والفخار والمعدن والفضة والذهب ، ورفها الريح ، فما وجد لها موضع ، ولكن الحجر الذي ضرب الصنم
__________________
(١١٧) «ب» : لدانيال عليهالسلام.
(١١٨) بالأصل : يعرف ، وكتب المؤلف في الطرة : «صوابه يعلم».
(١١٩) «ب» : كان فكرك.
(١٢٠) «ب» : عندي أكثر من العباد.
(١٢١) هنا يبدأ ما سقط في نسخة «ب».