الجلي المطابق لسيدنا ومولانا محمد صلىاللهعليهوسلم ، وإذ هو الذي بعث في آخر الزمن ، وهو الذي نبوءته وملك أمته أبدي إلى قيام الساعة ، إذ لا نبي بعده صلىاللهعليهوسلم ، ولا نسخ لشرعه الشريف ما بقيت الدنيا ، وهو الذي بعث لسائر الأمم ، وظهر عليها كلها ، وخلط بين أجناسها ، وجعلها على اختلاف أديانها ، واختلاف لغاتها جنسا واحدا ، وعلى لغة واحدة ، ودين واحد ، إذ كلهم يقرؤون القرآن بلغة العرب ، وبها يصلون ، إلى غير ذلك. وكلهم يدينون بدين واحد ، وهو دين الإسلام ؛ انتهى.
وأقول : قد سمعت ببلاد الأندلس قبل خروجي منها مرارا القسيسين والرهبان يختطبون ويذكرون الرؤيا الذي رأى بخت نصر ، وما فسر النبي دانيال عليهالسلام ويقولون : إنه سيدنا عيسى عليهالسلام هو الذي دلت عليه الرؤيا ، وأن دينه عمر الدنيا ، وسلاطين دينه غلبوا سلاطين الدنيا ، وكذبهم العيان بصحة البرهان ، بما أظهر في الدنيا الملك الديان ، له الشكر والفضل والامتنان على علو كلمة توحيده والإسلام خالص الإيمان.
أما السلطان بخت نصر فكان في مدينة بغداد ، والنصارى لم تملك قط بغداد ولا كان لهم فيها دار ملك كما كان للمسلمين.
وأيضا أن ، السلطان رأى الحجر الذي هرس الصنم وعظم حتى ملأ الدنيا كلها ، وذلك كان النبي محمد صلىاللهعليهوسلم وأهل دينه لأنه هرس في مكة المشرفة الأصنام ، كما تقدم ذكر ذلك. ولم يعبد صنم في البلاد التي دخلها الإسلام.
وأما النصارى بعد سيدنا عيسى عليهالسلام فلا يعبدون إلا أصناما ، وما من كنيسة إلا لها صنام أو أصنام كثيرة. وفي صلاتهم يعبدون قرصة من خالص الدقيق ، والخمر أيضا ـ كما تقدم ، كما شاهدته سنين عديدة ـ.
والرؤيا مبنية على الحجر الذي هرس الصنم ، وهو الإسلام ، لا على من أقام الأصنام وعبدها ، وهم النصارى الضالون. وقول النبي دانيال عليهالسلام : إن في أيام السلاطين المتأخرين يقيم الله سلطنة لا تنكسر ، ولا تفنى أبدا ، وهي التي تكسر وتفني جميع هذه السلطانات ، وهي تدوم إلى الأبد. فأبين ما ظهر من ذلك على قدر الاستطاع ، وأنا أمرني الشيخ الأثير الشهير بمصر وغيرها أن لا نكتب في المختصر إلا ما وقع لي مع الكفار من الكلام. فهذه بينة وبرهان وأن الإسلام عمر أكثر بلاد الدنيا