إسكندرية ، ثم مغربا عنها مدينة طرابلس ، ومغربا عنها مدينة تونس لم تحتوي عليه من البلاد وبلاد الجريد ، ثم مغربا عنها مدينة الجزائر بما تحت حكمها من البلاد ، ثم تلمسان وإن كانت تحت حكم الجزائر. فكانت فيما تقدم دار ملوك ، ثم مغربا عنها مدينة فاس دار الملوك بما ينسب إليها من البلاد ، ثم مدينة مراكش في صقعها قدر بريش بفرنصة أو أقل ، دار سلاطين للشرفاء. وأدركت خمس سنين من مدة مولاي أحمد ـ رحمهالله ـ الذي كان من يوم مات سلطان برتغال النصراني ، حين أحرك إلى المغرب بجيوش عظيمة ، ومات هو ، وبقي جيشه هو أسارى بأيد المسلمين ، وبقي مولاي أحمد في المملكة خمس وعشرين سنة إلى أن مات عام اثنتي عشرة وألف.
وكانت تحت طاعته سلطنة مراكش بما تحتوي عليه من الأقطار وسلطنة فاس ، وسلطنة سوس الأقصى ، وسلطنة سجلماسة ، المعروفة الآن بتافللت ، وبلاد درعة أقرب منها إلى مراكش ، وبلاد توات ، وكان له ببلاد السودان سلطنتها استفتحها هو ، أعني السلطان المذكور ـ رحمهالله ـ ، وهي مدينة تنبكت بما تحت حكمها ، ومدينة جاغ وككي ، وليس بينها وبين خط الاستواء إلا نحو عشر درجة من العرض. وفي بلاد السودان بلاد كثيرة للمسلمين منها سلطنة ملى وهي تمتد إلى البحر المحيط ، ثم سلطنة عظيمة بالسودان ، لسلطان برن. وبلاد كثيرة للمسلمين ممتدة من سلطنة برن إلى بلاد حبشة التي هي قبلة ومشرق عنها. وما بقي في هذا الربع فهو أقله فيه مجوس ، وأيضا سلطان نصراني. وأما ما تقوله العامة أن بني آدم السودانيين أكثر من جميع البيض في الدنيا ، فذلك باطل وزور ، وأظن أن السودانيين يكونون قدر عشور البيض.
وكذلك تكذب اليهود عن واد السّبت ، وأن وراءه سلطنة عظيمة لليهود ، وأن الواد لا يجري يوم السبت.
وقد عرفت الناس في زمننا هذا أكثر من الأوائل في أمور الدنيا. فأما اليهود فيصبرون نفوسهم عن ذلهم وخزيهم بذكر واد السبت. إذا سئلوا : في أي قطر أو جهة من الدنيا هو؟ فلا يعلمون ما يقولون ويمتد هذا الربع الإفريقي إلى طرف حسن الرجا الذي هو بعد وثلاثون درجة إلى الجنوب من خط الاستواء ويضيق للأرض من الجانبين إلى أن يكون كركن. والبحر المحيط دائر به ، وأيضا البحر الصغير ، وبحر السويس كما ذكرنا.