وأما نصف الدنيا تسمى بالعجمية بأشيه ، وفيها للمسلمين بلاد الشام ، ومكة ، والمدينة ، والحجاز ، واليمن ، وبلاد الترك الشهيرة بركتها. ولا أعرف أقطارها ، وعرق عرب وعرق عجم ، وبغداد وما تحتوي عليه من الأقطار ، وبلاد هرموس ، وسلطان حضر موت ، وسلطنة قشن ، وسلطنة ضفر ، وبلاد الإمام نعمان ، ثم بلاد الهند ، وخراسان ، وبلاد فارس وما لها من الأقطار وما وراء النهر ، وسمرقند ، وبخارة ، وأسبك ، وبلاد الطّطر تأخذ من الدنيا حظّا وافرا. وسلطان جلال الدين في الهنود سلطان عظيم ، الذي يذكرون عنه أن له أفيالا للحروب ، كما ذكر لي بعض الهنديين في جامع الأزهر بمصر ، وذكر لي رجل أندلسي بمكة المشرفة : أنه خدم سلطانين مسلمين سنين ، غير سلطان جلال الدين.
وكم من أقطار وبلاد للمسلمين غيرها ما ذكرنا ، لجهلي بها ، وكلما ذكرنا فهي في الأرض الكبرى المتّصلة للمسلمين ، وفي المبّات (١) التي تصور النصارى ، والكور الأرضية فيها ، كل مدينة مصورة ومكتوب اسمها بطولها وعرضها ، وكذلك الويدان والأبحر كما تقدم. وفيها في الأرض الكبرى المتصلة من بلاد المسلمين ، فما تأخذ من الربع المغربي وهي نصف الدنيا التي قلنا تسمى بأشيه نحو المائة وأربعين درجة أو أكثر طولا. والمحسوب لكل درجة من الأرض اثنان وخمسين ميلا ونصف للماشي على خط مستقيم من غير صعود جبل ولا انجراف ، ويكون بتقريب لكل درجة ثلاثة أيام للماشي المتوسط. كما قدرنا لطول بلاد الأندلس ثلاثين رحلة طولا ، ودرج طولها عشر أو إحدى عشرة درجة بحساب الرحلات المشهورة فهي ثلاثون يوما بتقريب ، وجاء لكل درجة ثلاثة أيام كما قلنا. ونحسب للأرض المتصلة العامرة بالمسلمين أربع مائة وعشرين يوما. وقد جاء رسول من بلاد فلمنكه إلى مولاي زيدان ابن مولاي أحمد ـ رحمهماالله ـ إلى مدينة مراكش ، وكتاب رسالتهم عجمي ، وأمرني السلطان أن أعربه ، ومن أجل ذلك كان الرسول يظهر محبة ، ورأيت عنده كتبا بالعربية ، وهو يقرأ ويكتب بها فسألته أين تعلم ذلك؟ قال : أعلم أنني كنت في جزيرة كذا من جزر الهنود المشرقية التي يأتوا منها بالقرفة والقرنفل والجوز وغير ذلك
__________________
(١٢٤) المبة : كلمة إسبانيةMapa بمعنى خريطة جغرافية ، وقد جمعها لتصبح (مبات).