القول الأول : كقولك : قال زيد عمرو لمنطلق ، فموضع الجملة نصب بالقول.
والآخر ، يجوز أن يقول القائل : لا إله إلّا الله ، فتقول : قلت حقا ؛ أو يقول : الثلج حار ، فتقول : قلت باطلا ؛ فهذا معنى ما قاله ؛ وليس نفس القول.
وقوله (أَلَّا تَتَّخِذُوا) (١) خارج من هذين الوجهين ، ألا ترى أنّ (أَلَّا تَتَّخِذُوا) (٢) ليس هو معنى القول ، كما أن قولك : «حقا» ، إذا سمعت كلمة الإخلاص ، معنى القول ، وليس قوله (أَلَّا تَتَّخِذُوا) (٣) بجملة ، فيكون كقولك : قال زيد عمرو منطلق. ويجوز أن يكون بمعنى «أي» أي التي للتفسير ، وانصرف الكلام من الغيبة إلى الخطاب ، كما انصرف من الخطاب فى قوله تعالى : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا) (٤) إلى الأمر ، كذلك انصرف من الغيبة إلى النهى فى قوله : (أَلَّا تَتَّخِذُوا) (٥) وكذلك قوله : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي) (٦) فى وقوع الأمر بعد الخطاب ، ويجوز أن تضمر القول وتخمل «تتخذوا» على القول المضمر ، إذا جعلت «أن» زائدة ، فيكون التقدير : وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ، فقلنا : لا تتخذوا من دونى وكيلا ، فيجوز إذا فى قوله : (أَلَّا تَتَّخِذُوا) (٧) ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون الناصبة للفعل ، فيكون المعنى : وجعلناه هدى كراهة أن تتخذوا من دونى وكيلا ، أو لئلّا تتخذوا.
والآخر : أن تكون بمعنى «أي» ، لأنه بعد كلام تام ، فيكون التقدير : أي لا تتخذوا.
__________________
(١) الإسراء : ٢.
(٢) ص : ٦.
(٣) المائدة : ١١٧.