قوله : (قالَ ابْنَ أُمَّ) (١) على أن أصله : يا ابن أمي ، فقلبت الكسرة فتحة والياء ألفا ثم حذفت الألف ، لقلة ذلك ، ولكن حملوه على باب خمسة عشر ، مما جعل الاسمان فيه اسما واحدا ، وهكذا قالوا فى قوله : (يا أَبَتِ) (٢) إنه فتح التاء تبعا للباء ، وعلى أنه أقحم التاء ، على لغة من قال : يا طلحة ، ولم يحملوه على أن أصله «يا أبتا» فحذف الألف(٣). ولكن من قال : يا بنى ، أدغم ياء التصغير فى ياء الإضافة ، وياء الإضافة مفتوحة ، وحذف لام الفعل. وحذف الألف من هذه الكلمات الثلاث مذهب أبى عثمان. ومن ذلك: إن تاء التأنيث فى الواحد لا يكون ما قبلها إلّا مفتوحا ، نحو : حمزة ، وطلحة ، وقائمة ، ولا يكون / ساكنا ، فإن كانت الألف وحدها من سائر الحروف جازت ، وذلك نحو : قطاة ، وحصاة ، وأرطاة ، وحبنطاة ، أفلا ترى إلى مساواتهم بين الفتحة والألف حتى كأنها هى هى. وهذا أحد ما يدل على أن أضعف الحروف الثلاثة الألف دون أختيها ، لأنها قد خصت هنا بمساواة الحركة دونها. ومن ذلك أنهم قد بيّنوا الحرف بالهاء ، كما بينوا الحركة بها ، وذلك قولهم : وا زيداه ، وا غلاماه ، وا غلامهوه ، وا غلامهيه ، وانقطاع ظهراه. فهذا نحو من قولهم : أعطيتكه ، ومررت بكه ، وا غزه ، ولا تدعه ، والهاء فى كله لبيان الحركة (٤).
ومن ذلك قراءة من قرأ : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) (٥) بكسر الواو. وقولهم : القود ، والحوكة ، والخونة. وقد جرت الياء والواو هنا فى الصحة لوقوع الحركة بعدهما مجراهما فيها ، لوقوع حرف اللين ساكنا بعدهما ، نحو : القواد ،
__________________
(١) طه : ١٣.
(٢) يوسف : ٤.
(٣) قرا ابن عامر وأبو جعفر والأعرج «يا أبت» بفتح التاء ، وباقي السبعة والجمهور بكسرها ، ووقف الابنان عليها بالهاء. وهذه التاء عرض من ياء الاضافة فلا يجتمعان ، وتجامع الألف التي هي بدل من الياء. ووجه الاقتصار على التاء مفتوحة أنه اجتزأ بالفتحة عن الألف ، ورخم بحذف التاء ثم أقحمت. (البحر ٥ : ٢٣٩).
(٤) الكتاب (٢ : ٢٧٧ ـ ٢٨١).
(٥) الأحزاب : ١٣.